ومن عظمة هذه الآية أنه لا يوجد تناقض في فهمها على مر العصور، فمنذ مئات السنين فهم المفسرون هذه الآية على أنها تتحدث عن حركة الجبال يوم القيامة، وهذا الفهم صحيح لأن الجبال بالفعل ستتحرك وتسير ثم ينسفها ربنا ويسويها بالأرض.

وحديثاً فهم علماؤنا هذه الآية على أنها تتحدث عن دوران الأرض حول نفسها، وهذا فهم صحيح لأن الأرض بالفعل تتحرك مع كل ما تحمله من جبال وبحار ومخلوقات. ونحن اليوم نفهم من هذه الآية إشارة واضحة إلى حركة الألواح الأرضية وإلى حركة الجبال على هذه الألواح، وقد يتطور العلم فنجد أننا أمام فهم جديد، وتبقى الآية صحيحة وتتفق مع العلم الحديث مهما تطور هذا العلم، وهذا لا يكون إلا لكلام الله تعالى.

الهدف من هذه الحقيقة الكونية

والآن نتساءل: لماذا ذكر الله تعالى هذه الحقيقة الكونية الخفية في كتابه؟ ولماذا أمرنا أن نتدبرها؟ هل لمجرد حب المعرفة أو الفضول أو معرفة أسرار الكون، أم أن هناك أهدافاً أخرى؟ الحقيقة عندما نتأمل هذه الآية نلاحظ أن الله اختتمها بقوله: (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، فما علاقة حركة الجبال التي لا نراها بعلم الله بأفعالنا؟

بعد تأمل طويل لهذه الآية وجدت وكأن هذه الآية تحمل رسالة لنا نحن البشر، وبخاصة المؤمنين: اعلموا كما أن الله تعالى يعلم حركة هذه الجبال وأنتم لا ترونها، وأن الله قد أخبركم عن هذه الحركة الخفية ولم تتأكدوا منها إلا بأدق الأجهزة، كذلك فإن الله تعالى يعلم كل فعل تقومون به، أو كلمة تنطونها، أو فكرة قد تخطر ببالكم، فينبغي عليكم أن تحسوا بمراقبة الله لحركاتكم وسكناتكم، لأنه يراها وسيحاسبكم عليها.

وهذه الرسالة ينبغي أن نتأملها جيداً، فالله الذي يرى الجبال وهي تتحرك، كذلك يرى كل عمل نقوم به وهو أخبر بنا من أنفسنا، فهل نشعر بمدى علم الله تعالى وهل نعظّم هذا الإله الذي أتقن كل شيء؟

وأمام هذه الحقيقة لا نملك إلا أن نسبح الله تعالى، وأن نقف خاشعين أمام عظمة هذا القرآن، وأمام عظمة إعجازه وآياته، كيف لا والله يقول: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر: 21].

إنها آيات عظيمة تشهد على قدرة الخالق وعظمة كلامه، فأين أنتم أيها المشككون بهذا القرآن، وأين هي كتبكم وعلومكم، نحن لا ننكر أن لكم فضلاً في اكتشاف هذه الحقائق، ولكن ينبغي عليكم ألا تنكروا فضل القرآن في الحديث عن هذه الحقائق وأن هذا الكتاب جدير بالتدبر والتأمل، يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111].

ــــــــــــــــ

بقلم عبد الدائم الكحيل

www.kaheel7.com

المراجع العربية

1- القرآن الكريم.

2- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير.

3- معجزة القرآن الكريمة للشيخ محمد متولي الشعراوي.

المراجع الأجنبية

1- Tilling, 1985, Volcanoes.

2- Russell Pysklywec, Impact of rainfall reaches to roots of mountains, University of Toronto, 20-Apr-2006.

3- German Scientists: Earth is Smaller than People Think, www.dw-world.de, 06.07.2007.

4- Tectonic Plates, National Science Digital Library.

5- Allison Macfarlane, Rasoul B. Sorkhabi, Jay Quade, Himalaya and Tibet: Mountain Roots to Mountain Tops, Geological Society of America, 1999.

6- Plate tectonics, www.moorlandschool.co.uk

7- FUNDAMENTALS OF PHYSICAL GEOGRAPHY, Dr. Michael Pidwirny, University of British Columbia Okanagan, 10/03/2006.

8- Underneath the mountains, www.geology.wisc.edu

9- Dr. Michael Pidwirny, Introduction to the Lithosphere, University of British Columbia Okanagan.

10 - Australia on the move, www.ga.gov.au, 22 June 2004.

11- Ice Continent on the Move, www.nasa.gov, March 22, 2002.

12- Katherine Gypson, Cynthia Kirk and Karen Leggett, Mars Once Had Moving Plates Like Earth Has Now, www.voanews.com, 7 November 2005.

13- Moving Earth and Heaven, www.whoi.edu, February 23, 2004.

14- Kenneth C. Macdonald and Paul J. Fox, The Mid-Ocean Ridge, Scientific American.