كيف تتحرك الجبال؟

الجبل هو منطقة من الأرض ترتفع بشكل مفاجئ عما حولها. والسلاسل الجبلية هي مجموعة كبيرة من الجبال تمتد لآلاف الكيلو مترات وتشكل ما يشبه الأحزمة. مثل سلسلة جبال الهملايا شمال الصين، وسلسلة جبال الألب في قلب أوربا.

ففي سلسلة جبال الهملايا توجد أعلى قمم في العالم تشكلت قبل حوالي 45 مليون سنة، وذلك بعد أن اصطدم لوحان من الألواح القارية بعضهما ببعض، فتشكلت هذه السلاسل وبرزت كنتيجة للتصادم العنيف. وهناك بعض السلاسل الجبلية في شمال شرق أمريكا يعود تاريخ تشكلها إلى ما قبل ألف مليون سنة.

للجبال عدة حركات أهمها:

1- حركة أفقية مع ألواح الأرض. فاللوح الهندي مثلاً يتحرك مع ما يحمله من جبال كل سنة عدة مليمترات، إذن الجبال تتحرك وتمر وتُدفع بنتيجة التيارات الحرارية للطبقة التي تلي جذور الجبال.

2- حركة عمودية بنتيجة التيارات الحرارية أيضاً والتي تساهم في رفع الجبل وخفضه عدة مليمترات كل سنة.

3- هناك حركة اكتشفت حديثاً، ففي عام 2006 وجد أحد العلماء وهو البرفسور Russell Pysklywec من جامعة تورنتو أن الأمطار الهاطلة بالقرب من الجبال فإنها تختزن في خزانات ضخمة تحت الجبال وتؤثر على جذور الجبال. قام هذا العالم ببحثه في جبال الألب جنوب نيوزلندة، فوجد أن الأمطار تسبب للجبال تآكلاً مقداره 10 مليمتر كل سنة.


صورة لبحيرة Pangong في شمال الهند مأخوذة من ارتفاع 6 كيلو متر تقريباً، ونلاحظ التمدد الكبير للوح الذي يسمى لوح التيبت، مما فسح المجال للمياه أن تتجمع في هذه البحيرة، وهذه الظاهرة تتكرر كثيراً على سطح الأرض حيث نلاحظ وجود حركة للألواح الأرضية خلال ملايين السنين تساهم في تشكل الجبال ونشوء البحيرات والأنهار. المصدر Woods Hole Oceanographic Institution

ويؤكد العلماء وجود مراحل لنشوء الجبال حيث تبدأ بتمدد الألواح ثم اصطدامها ثم تشكل الجبال ثم تفسح المجال أمام الأنهار لتتشكل، إذن نحن أمام ثلاثة مراحل: امتداد الألواح أي تمددها، ثم نشوء الجبال الرواسي، ثم تشكل الأنهار، وهذا ما لخصه لنا القرآن بكلمات قليلة في قول الحق تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) [الرعد: 3].

ويقول البروفسور Pysklywec إن هذه الأمطار وما تختزنه الجبال من مياة تغير سلوك الجبال من حيث الحركة، وتؤثر على حركة الألواح التي تحمل هذه الجبال وبالتالي يمتد التأثير ليصل إلى جذور الجبال.

ويستغرب هذا العالم من وجود هذه الحركة الغريبة والمعقدة للجبال، ويقول: "إننا لم نكن نتوقع أن التغيرات على سطح الجبل يمكن أن تؤثر على جذر هذا الجبل وعلى حركته، إنها المرة الأولى التي ندرك فيها أن الألواح الأرضية تتحرك بفعل التأثيرات الخارجية على سطح الأرض".

يقوم البرفسور Pysklywec بتجاربه على الحاسوب، طبعاً الكمبيوتر العادي لا يمكن أن يقوم بمثل هذه التجارب المعقدة، لذلك يلجأ إلى الكمبيوتر العملاق المسمى "سوبر كمبيوتر" حيث يضع برامج خاصة لمحاكاة ما يحدث على عمق عدة مئات من الكيلو مترات تحت سطح الأرض حيث تبلغ درجة الحرارة أكثر من 1500 درجة مئوية، وكل تجربة يستغرق هذا الكمبيوتر وعلى الرغم من سرعته الفائقة يستغرق عدة أيام لإنجازها، إن هذه الظروف قد تغير حركة الألواح لتعكس اتجاهها.

إذن الحقيقة التي يقررها العلماء اليوم هي أن الجبال تمر وتتحرك وأحياناً تعكس اتجاه حركتها وسبب هذه الحركة أنها تُدفع بواسطة التأثيرات الحرارية الباطنية للأرض، تماماً كما تدفع الرياح الغيوم! ولكن حركة الجبال لا يمكن إدراكها مباشرة ولكن تأثيراتها تظهر خلال ملايين السنين.


صورة تمثل حركة الجبال مع القشرة التي تتوضع عليها، وهذه الحقيقة العلمية لم تُكتشف إلا في منتصف القرن العشرين، ومنذ أقل من سنة فقط تبين للعلماء أن حركة الجبال معقدة جداً، وهي حقيقة يقينية أن الجبال تتحرك وتمر مروراً بسبب قوة الدفع التي تولدها التيارات الحرارية تحت جذور الجبال، تماماً مثل مرور الغيوم في السماء عندما تحركها قوة الدفع للرياح!! ولذلك يقول تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88]. المصدر www.whoi.edu