بسم الله الرحمن الرحيم

أعضاء المنتدي الكرام

كنت أود ان تكون أول مشاركة لي في هذا المنتدي الجبار مشاركة فعالة، ولكن شاء المولي أن يقع في أثناء بحثي علي الشبكة هذا المقال الذي لم أفهمه مطلقاً، ولكني وددت أن اضعه بين أيديكم لعلي أجد من بينكم من يستسيغه، ويشرحه لنا

هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد يوليو - اغسطس 2002


هل اللانهاية في الرياضيات مفارقة؟(*)
لكي نحل مفارقة «الكل والجزء» ونواجه «فرضية المتصل»(1) لا بد أن
يتطور فهمنا للانهاية الفعلية(2)؛ واليوم أيضا، نكتشف لانهائيات(3) جديدة.
<P-J. دولاهي>



شكل 1. مفارقة فندق هلبرت(**)


يوضح المثال التالي كيف أن المجموعات اللانهائية فعليا كانت تبدو لمدة طويلة غير معقولة: في ليلة من الليالي كانت غرف فندق لانهائي مرقمة بالأعداد 0، 1، 2، 3، ... وليس فيه غرف شاغرة في هذه الليلة، حيث يشغل كل نزيل غرفة. ثم جاء زبون يبحث عن غرفة فأجابه مسؤول الاستقبال «لا تشغل بالك بهذه المشكلة، انزل في الغرفة رقم 0 وسوف أطلب إلى نزيل هذه الغرفة الانتقال إلى الغرفة رقم 1، ومن نزيل الغرفة رقم 1 الانتقال إلى الغرفة 2، الخ...» وبطبيعة الحال لدى مسؤول الاستقبال هاتف خاص يمكّنه من الاتصال بجميع غرف الفندق في آن واحد طالبا إلى نزيل الغرفة رقم n الانتقال إلى الغرفة رقم n + 1. وهكذا احتل الزبون الجديد الغرفة 0. وبعد عشر دقائق قدمت حافلة (لانهائية طبعا) تقل على متنها زبائن جددا يرغبون في قضاء ليلة بالفندق. فكان جواب مسؤول الاستقبال بالفندق لسائق الحافلة: «لا تشغل بالك بهذه المشكلة.» واتصل هاتفيا بنزيل الغرفة رقم n وطلب إليه الانتقال إلى الغرفة رقم 2n. ثم أوضح لسائق الحافلة بأنه يمكن للمسافر رقم i أن يتسلم الغرفة رقم 2i + 1 (الشاغرة لأن كل الغرف ذات الأرقام الفردية أخليت من النزلاء). وبعد نصف ساعة قدمت مجموعة أكثر عددا مكوّنة من عدد لانهائي من الحافلات تقل كل منها عددا لانهائيا من المسافرين. وكان جواب مسؤول الاستقبال «لا تشغلوا بالكم فسوف أجد حلا لهذه المشكلة»، واتصل هاتفيا بنزلاء الفندق طالبا إلى نزيل الغرفة رقم i الرحيل إلى الغرفة رقم 2i + 1 (وبذلك صارت كافة الغرف ذات الأرقام الزوجية شاغرة). ثم طلب إلى مسؤول مجموعة الحافلات بأن يلتحق المسافر رقم i من الحافلة رقم j بالغرفة رقم (2i+1(2j + 1. فجرى كل شيء على ما يرام حيث احتل كل مسافر غرفة بمفرده.

شكل 2. مفارقات الانعكاسية(4): إذا كانت المجموعات اللانهائية موجودة فعلا وليست كامنة، مثل المجموعات التي نكمّلها شيئا فشيئا، عندئذ تكون مجموعة مربعات الأعداد الطبيعية ذات قدّ (حجم) يعادل قدّ مجموعة الأعداد الطبيعية: يمكن أن نرفق بكل عدد من المجموعة الأولى عددا من المجموعة الثانية [الشكل (a)]. وبالمثل [الشكل (b)] فإن القطعة المستقيمة AB تعادل في «الكبر» القطعة A’B’. كما أن نصف محيط الدائرة «يساوي» قطرها [الشكل (c)]. ونستطيع أيضا تعيين تقابل بين نقاط قطعة مستقيمة ونقاط نصف مستقيم لانهائي بالعلاقة y = 1/(x + 1) [الشكل (d)]. وبالمثل، يمكن، كما فعل كَنتور (وقد أدهشته إمكانية ذلك) عندما عين تقابلا بين مجموعة نقاط سطح مستو ومجموعة نقاط منحن اختياري(5) (الشكل e). كما يمكن تعيين تقابل بين نقاط حجم مفروض ونقاط منحن مفروض(6) (الشكل f).

هل يمكن أن نتحكم في مفهوم اللانهاية الرياضياتي؟ أي هل يمكن أن نبني نظرية خاصة باللانهاية تتحاشى المفارقات والتناقضات؟ للإجابة عن هذه التساؤلات نميز بين المفارقات والحالات المنطقية غير المُرضية.

إن المفارقة في نظرية رياضياتية هي إمكانية البرهان على قضية ونفيها في آن معا. وفي هذه الحالة، نستطيع أن نستنتج ـ باستدلالات قائمة على مسلّمات النظرية دون سواها ـ صحة قضية A ونفيها not A. إن الرياضيات لا تقبل المفارقات، وعلماء المنطق يبذلون قصارى جهودهم لتجنبها.

واليوم يعرف الرياضياتيون مختلف الوسائل لتجنب المفارقات في النظريات الرياضياتية الخاصة باللانهاية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل حققت هذه الوسائل أهدافها؟

نواجه حالة منطقية غير مرضية عندما تمكننا نظرية من طرح خواص مدهشة، تتعارض أحيانا مع توقعاتنا، من دون ظهور تناقض حقيقي. في هذه الحالة، يمكننا مواصلة تطوير النظرية آملين التمكن يوما من إيجاد حل للمشكلة المطروحة. ففي بعض الأحيان نتقبل في نهاية المطاف الحالة التي بدت لنا مزعجة، وتتحول القضية التي كنا نشكك فيها إلى قضية جد عادية، وكأن تحولا جذريا قد طرأ على مفاهيمنا العميقة.

ما الوضع الراهن للمفارقات المتعلقة باللانهاية والحالة غير المُرْضية التي صارت مقبولة ومستوعبة؟ لتعرف ذلك سنورد بعض المفارقات التي شكلت تاريخ اللانهاية في الرياضيات. وسنشير في كل حالة إلى الحلول الرياضياتية المقترحة لها متسائلين عما إذا كانت هذه الحلول مرضية، أو أنها على العكس من ذلك، تترك جوانب غامضة تبين محدودية تحكمنا في اللانهاية عن طريق الرياضيات الحديثة.

شكل 3. تبدو المجموعة اللانهائية للأعداد النسبية rational numbers (أي الأعداد التي تكتب على شكل نسبة عددين طبيعيين) أكبر من مجموعة الأعداد الطبيعية. لكن كنتور برهن على أنه يمكن كتابة الأعداد النسبية ضمن شبكة مربعة وربط كل منها بعدد طبيعي وذلك برسم المسار المبين في الشكل، وبذلك تكون مجموعة الأعداد النسبية مجموعة قابلة للعد (لأنها في تقابل مع الأعداد الطبيعية)؛ أي إن قدّها يساوي قدّ مجموعة الأعداد الطبيعية.

لم يتقبل العلماء اللانهاية بسهولة، بل ظلوا لمدة طويلة يأملون التمكن من تجاوزها. فأرسطو يرفض اللانهاية الفعلية(4) (أو لانهاية فعلية) actual infinity أي المأخوذة كيانا واحدا. وكان يرفض أي وجود مادي للانهاية، لكنه يعترف لهذا الكائن بوجود رياضياتي معين؛ لأنه كان يرى من الضروري الأخذ في الاعتبار مقادير يتعاظم قدّها(5) أكثر فأكثر: كل عدد طبيعي يتبعه عدد آخر، ولا وجود لنقطة أخيرة على المستقيم. وقد حاول الرياضياتيون الاكتفاء بهذه اللانهاية الممكنة(6) وبالرجوع إليها عند الحاجة تجنبا للانهاية الفعلية.

لا مجال للتفكير في اللانهاية الفعلية(***)


فإقليدس على سبيل المثال، لم يكن يقول بأن هناك عددا لانهائيا من الأعداد الأولية primary numbers بل كان يقول إن «كمية الأعداد الأولية أكبر من أية كمية أعداد أولية مفروضة.» وقد برهن على ذلك بإثبات أنه إذا كانت p1, p2, ...,pk أعدادا أولية مفروضة، فيمكن إيجاد عدد أولي آخر يختلف عن كل هذه الأعداد المفروضة. (وهذا العدد هو القاسم الأولي الأصغر للعدد p1 p2 ...pk+1).

شكل 4. أثبت كنتور وجود مجموعات لانهائية أكبر من مجموعة لانهائية قابلة للعدّ (أي مجموعة يمكن ترقيم كافة عناصرها). لنتفحص أولا مجموعة منتهية مؤلفة من ثلاثة عناصر: إننا نرى بأن لها ثماني مجموعات جزئية (23) مختلفة (a). وإذا كانت المجموعة مؤلفة من N عنصرا، فإن لها N2 مجموعة جزئية مختلفة (إن كل عنصر يمكن أن يكون ـ أو لا يكون ـ جزءا من المجموعة). لنشكل المجموعات الجزئية لمجموعة لانهائية قابلة للعد من العناصر (b). ولنثبت بالخُلْف par L’absurde أنه من المستحيل ترقيم كل عنصر من مجموعة المجموعات الجزئية للمجموعة المفروضة (القابلة للعدّ)؛ ومن ثم نستنتج أن المجموعة اللانهائية المكونة من المجموعات الجزئية لمجموعة قابلة للعد ليست مجموعة قابلة للعد. لنفترض أن هذا الترقيم ممكن. نمثل كل مجموعة جزئية بمجموعة بطاقات، وكل مجموعة جزئية تمتد إلى ما لانهاية نحو اليمين. نرقم كل مجموعة جزئية من الأعلى إلى الأسفل. فهل نستطيع بهذه الطريقة ترقيم جميع المجموعات الجزئية؟ كلا، ولإثبات ذلك نتفحص المجموعة الجزئية المكونة من بطاقات القطر ولنفترض أننا قَلبنا جميع البطاقات: إن هذه المجموعة ليست مطابقة للمجموعة الجزئية الأولى لأن البطاقة الأولى مختلفة؛ كما أنها غير مطابقة للمجموعة الجزئية الثانية لأن البطاقة الثانية المقلوبة مختلفة، وهكذا دواليك. فالمجموعة الجزئية ذات الرقم n تختلف عن المجموعة الجديدة لأن البطاقة رقم n قد قلبت. وهكذا نكون قد شكلنا مجموعة جزئية لا تنتمي إلى قائمتنا المرقمة. وبالتالي فمجموعة المجموعات الجزئية غير قابلة للترقيم... هذا «البرهان القطري» preuve diagonale الذي أتى به كنتور يثبت أن مجموعة الأعداد الحقيقية (أي مجموعة الأعداد النسبية وغير النسبية) ليست قابلة للعد. لنتفحص (c) التي تمثل الأعداد الحقيقية للقطعة المستقيمة التي طولها 1: نعبِّر عن المسافة التي تفصل كل نقطة عن نقطة البدء بالنظام الثنائي ...0,011010010111. فالنقطة التي تفصلها عن نقطة البدء المسافة المقاسة بالأرقام المقلوبة للقطر لا تظهر في الترقيم. لذا لا يمكننا ترقيم كل الأعداد الحقيقية للقطعة المستقيمة المذكورة... وهكذا فمجموعة الأعداد الحقيقية مرفوعة إلى القوة oא2 هي لانهاية أكبر من اللانهاية القابلة للعد.

يرجع السبب الأساسي للتخوف من اللانهاية الفعلية إلى مفارقة الانعكاسية reflexivity: إذا كانت مجموعة لانهائية فيمكننا أن نقيم تقابلا(7) bijection بينها وبين أي مجموعة جزئية فعلية(8) منها. فعلى سبيل المثال، تعين العلاقة التي تربط n2 بالعدد n تقابلا بين مجموعة الأعداد الطبيعية 0، 1، 2، 3، ... ومجموعة مربعاتها 0، 1، 4، 9، ... مع أن عدد عناصر المجموعة الأخيرة أقل من عدد عناصر المجموعة الأولى.

ونواجه الظاهرة نفسها عندما نأخذ مجموعة الأعداد الحقيقية المحصورة بين 0 و1، بما في ذلك العددان: 0 و1، (ونرمز لهذه الفترة «المغلقة» [1,0]) ومجموعة الأعداد الحقيقية في الفترة [0 , 2] (والتقابل هنا هو ذلك الذي يرفق كل x بـ 2x). وكذلك الأمر عندما نعمم هذه النتيجة، فنقيم تقابلا بين قطعتين اختياريتين AB وA’B’ من مستقيم. كما أن العلاقة التي ترفق x بـ 1/(x+1) تعيِّن تقابلا بين مجموعة الأعداد الحقيقية المحصورة بين 0 و1 (ونرمز لهذه الفترة «المفتوحة» بـ ]1,0[) ومجموعة الأعداد الحقيقية الموجبة (التي نرمز لها ب]0, +,[).

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي يجعل مفارقة الانعكاسية مفارقة؟ إنها مفارقة لأن «مبدأ الكل والجزء» الذي ينص على أن «الكل أكبر من الجزء» لا ينطبق هنا. فنحن لا نتصور بأننا سوف نتخلى عن حقيقة جلية كهذه؛ كما أن عقلنا لا يمكنه مقاومة محاولة التشكيك في هذا المبدأ الواضح البيّن. ويبدو أن هذا التشكيك في «مبدأ الكل والجزء» يتطلب جرأة تتجاوز الحدود المعقولة؛ ولهذا كنا، في معظم الأحيان، نفضل الاختتام بالقول: من يحق له التفكير في اللانهاية لا بد أن يكون ذاته كائنا لانهائيا، كالإله. ولهذا كانت الكنيسة تعارض كل محاولة للتفكير في اللانهاية الفعلية. ومن هذا المنطلق اعتبر القديس <Th. داكان> أن كل من يسعى بفكره للإحاطة باللانهاية الفعلية يدخل في مواجهة مع الطبيعة الوحيدة واللانهائية إطلاقا للإله.

وقد استغرق التغلب على هذه العقبة نحو ألفي سنة. والواقع أن «مبدأ الكل والجزء» لم يكن مهما في الرياضيات؛ ومع هذا كان لا بد من إعادة النظر فيه؛ ذلك أن هذا المبدأ المحيّر بشكل واضح حال دون أي تقدم في مجال إدراك اللانهاية الفعلية.


ويعود الفضل في هذه الجرأة إلى الفيلسوف والرياضياتي التشيكي <B. بولزانو> (1781-1848) الذي تناول في كتابه مفارقات اللانهاية Les paradoxes de l’infini (المنشور، بعد وفاته، عام 1851) تقابلات بين مجموعة ومجموعاتها الجزئية الفعلية دون أدنى استغراب. بل على العكس من ذلك، فقد اقترح بولزانو أن نرى في هذه العلاقات ما يميز المجموعات اللانهائية(7)، وهذا يعني التخلي عن «مبدأ الكل والجزء» عندما يتعلق الأمر بالمجموعات اللانهائية. وفيما بعد عرّف الرياضياتي الألماني <R. ديدكند> (1831-1916) المجموعة اللانهائية بأنها المجموعة التي تسمح بإيجاد تقابل بينها وبين مجموعة جزئية فعلية منها. وحاليا، غالبا ما نتبنى هذا التعريف في نظرية المجموعات لتعريف المجموعة اللانهائية.

شكل 5. إن الفرق بين oא و oא2 مهم في الهندسة geometry عندما ندخل في اعتبارنا مجموعات لانهائية. وهكذا فإن عدد رؤوس شبكة مضلعات خماسية تغطي المستوي يساوي 0א لأنه يمكن رسم خط حلزوني (بالأحمر) يسمح بترقيم جميع هذه الرؤوس. وبالمقابل، فإن عدد الدوائر التي يمكننا رسمها على صفحة مساحتها منتهية هو لانهائي oא2 ؛ لأن مركز كل دائرة نقطة من المستوي.

وقبل بولزانو، كان <G. ليبنيتز> قد دافع عن فكرة اللانهاية الفعلية بقوله: «إنني أقبل فكرة اللانهاية الفعلية إلى درجة أنني بدلا من تقبل الفكرة السائدة القائلة بأن الطبيعة تنفر منها، أقول بأن الطبيعة تضعها في كل مكان كي تسجل عظمة خالقها(9).» وقد وضع بولزانو هذه المقولة ديباجة لكتابه الثوري.

ومع ذلك فإن اللانهاية الفعلية التي دافع عنها ليبنيتز تختلف عن جميع الكيانات اللانهائية التي اعتبرت فعلية في مسألة مفارقة الانعكاسية. فكان ليبنيتز يدافع أكثر عن لانهاية فلسفية، تلك الخاصة بالعالم المادي مأخوذا ككل. ولم يكن من السهل أن يحتل اللانهائيُّ الصغر(10) (الذي واجه مفارقات أخرى استخدمت أحيانا لمهاجمة الطرائق الحسابية الجديدة التي دافع عنها ليبنيتز) مكانة مقبولة ومؤكدة في الرياضيات إلا بعد أن صرنا لا نتحدث عن اللانهائيات في الصغر ككائنات رياضياتية بل كنهايات limits.

والملاحظ أن رياضياتيي القرن العشرين عرفوا كيف يجعلون من اللانهائيات في الصغر كائنا حقيقيا. والواقع أن الطريقة التي استخدمت خلال القرن التاسع عشر لتعزيز حسبان الصغائر infinitesimal calculus أدت إلى رفض اللانهاية الفعلية واستعيض عنها بلانهاية ممكنة pontential infinity للكميات التي تقترب أكثر فأكثر من نهايتها.

وفي هذا الشأن، عبّر أمير الرياضياتيين <C .F. گاوس> (1777-1855) عن شعور الأسرة الرياضياتية حينذاك، فكتب مثلا: «إنني لا أقبل استخدام كائن لانهائي ككل كامل؛ إذ إن هذه العملية ممنوعة في الرياضيات، فاللانهاية ليست سوى تعبير مجازي.»
ولذلك، ورغم العديد من المحاولات المتنوعة الرامية إلى وضع أسس نظرية لِلاّنهاية في الرياضيات، يمكن التأكيد أن بولزانو، في مواجهته لمحيرة الانعكاسية، هو أول من فتح الطريق لمفهوم اللانهاية في الرياضيات بشكله الحالي، حيث تعتبر اللانهاية كيانا قائما بذاته.

فرضية المتصل والرمز א(****)


اقترح كنتور أن نرمز لقدود اللانهايات بالطريقة التالية:
ـ نرمز لقدّ اللانهاية الخاصة بالأعداد الطبيعية بـ oא (ويقرأ ألف صفر)،
ـ نرمز لقد اللانهاية التالية بـ 1א ، إلخ...
ومن ناحية أخرى نرمز لقدّ اللانهاية الخاصة بالأعداد الحقيقية R بِ oא2. وثمة سببان يبرران هذا الرمز: أولا، يمكن البرهان على أن قدّ مجموعة الأعداد الحقيقية يعادل قدّ مجموعة أجزاء مجموعة الأعداد الطبيعية. ثانيا، في حالة المجموعات المنتهية، يمكن البرهان على أن عدد أجزاء مجموعة من n عنصرا يساوي n2 (لذا نرمز بa 2 لقدّ مجموعة أجزاء مجموعة قدّها a).
وهكذا فإن سلم اللانهايات الذي تحدده مبرهنة كنتور الأساسية هو: oא ، oא2، 0א22، إلخ...
والسؤال المطروح هو معرفة ما إذا كانت توجد لانهاية قدّها بين 0א و0א2؛ أي: هل 1א يساوي oא2؟
وإقرار أن 1א = 0א2 هو ما يسمى فرضية المتصل.
وإقرار أنه من أجل كل i+1: iא =iא2 يسمى فرضية المتصل المعممة.
لقد تم البرهان على أن هذه القضايا مستقلة عن المسلمات المعهودة لنظرية المجموعات؛ أي إنه لا يمكن أن نعرف انطلاقا من تلك المسلّمات، ما إذا كانت هذه القضايا صحيحة أو خاطئة. غير أن ذلك لا يُعني أننا فقدنا الأمل في البرهان على صحة أو خطأ هذه القضايا: فمن الجائز أن تكون هناك مسلمات أخرى خاصة بالمجموعات لم ندخلها في اعتبارنا، وعندما نكتشفها وندمجها في المسلمات المعهودة تصبح فرضية المتصل قابلة للبرهان.