من الاسطورة الى الفلسفة الطبيعية




ان اول دعوة من أجل فهم عقلاني للطبيعة قد بدأت على الأقل منذ العصور القديمة في اليونان (650 قبل الميلاد - 480 قبل الميلاد) على يد الفلاسفة اللذين سبقوا سقراط ( اخذو من منهل حضارات بلاد ما بين النهرين ( سوريا والعراق ) وقدماء المصريين ) حيث ان لوسيباس (450 قبل الميلاد )



لوسيباس

قد رفض قبول التفسيرات المبنية على الاساطير والقوى الخارقة لتفسير لمختلف الظواهر الطبيعية وادعى بان لكل حدث يحدث فى الكون سبب طبيعى وراء حدوثه, بل وقد تمادى الى ابعد من ذلك و وضع نظرية المذهب الذرى وهى فكرة ان كل شئ يتكون فى الاساس من ذرات (وحدة غير قابلة للانقسام ) وقد قام لاحقاً تلميذه ديمغريطس بشرح هذه النظرية بشكل مفصل ودقيق وقد نالت هذه النظرية شهرتها على يد الشاعر الروماني لوقريشيس من خلال قصيدته "طبيعة الأشياء".



ديمغريطس


ارسطو و الفيزياء




هو تلميذ لافلاطون وهو اول من روج الى فكرة ان مراقبة الظواهر الفيزيائية قد تؤدي في النهاية إلى اكتشاف القوانين الطبيعية التي تحكم تلك الظواهر. وهو قد كتب اول عمل يشار اليه باعتباره نوع من الدراسة يسمى بالفيزياء







اول نموذج لفيزياء العناصر الاولية
أعرب ارسطو عن اعتقاده بأن هناك أربعة عناصر تتكون منها المادة وهى :
التراب - الماء - الهواء - النار.


و لكل من هذه المكونات مكانته الطبيعية التي يحددها وزنه.
التراب اثقل وزناً (وهو شئ مطلوب لتكون الارض فى مركز الكون) ،
و الماء اخف من التراب ( البحار فوق الأرض) ،
و الهواء اخف من الماء (فقاعات الهواء تطفؤ فوق سطح الماء) ،
واخيراً النار وهى اخف من الهواء ( السنة اللهب المشتعلة فوق الهواء).
ويقال ايضاً ان هناك عنصراً خامساً يسمى ( "الجوهر") وهو عنصر ليس له وزن

ثم يذهب ارسطو ويفترض انه لكى تتحرك الاجسام لا بد من مُحرك و المحرك هو مايحرك الجسم الساكن او يوقف الجسم المتحرك والمحركات تنقسم الى قسمين محركات داخلية مثل الحيونات تتحرك ذاتياً او محركات خارجية مثل وتر القوس الذى ينطلق منه السهم و الذى يتحرك على الهواء (الى الامام) والهواء بدوره يتحرك (للخلف) لملء الفراغ الذى تركه السهم

النظرية الارسطاطية الميكانيكية

ليس ثمة حركة وطيدة ما لم يكون ورائها سبب ثابت ، وإذا تحرك جسم عبر وسط مقاوم فان حركته تتناسب مع طبيعة هذا الوسط ، ومن هنا اعتبر أرسو الخلاء هو الوسط ذو المقاومة المعدومة



لاحظ معى مدى الاتساق فى هذه الصورة مع عدم وجود الفراغ كعنصر من العناصر الاوليه (الطبيعة تمقت الفراغ)






الفلك

لقد انفق اليونانيون الكثير من الجهد في محاولة لشرح حركة الشمس والقمر والكواكب والنجوم. ولما كانت هذه الامور أيضا قد لعبت دورا رئيسيا في تطور العلم الحديث ، فإنها تستحق المناقشة بشيء من التفصيل.



كان معروفا بشكل عام لدى اليونانيون القدماء أن الأرض كروية الشكل ، وفى حوالى العام 240 قبل الميلاد ، استطاع إراتوستينس (276 قبل الميلاد -- 194 قبل الميلاد) ان يقدر بدقة محيط الارض . على النقيض من آراء ارسطو التى تنادى بان الأرض هى مركز الكون, فان أرسطرخس الساموسي ( 310 قبل الميلاد - 230 قبل الميلاد) قدم حجة واضحة حول مركزية الشمس داخل النظام الشمسي جاعلا الشمس هي مركز الكون بدلا من الأرض وان الارض تدور حول الشمس مرة كل عام وكل الكواكب السيارة الخمس (آنذاك) تدور حول الشمس، ماعدا القمر فهو يدور حول الأرض. أما النجوم فهي ثابتة وحركتها اليومية ماهي إلا خدعة سببها دوران الأرض حول محورها في الإتجاه المضاد، واستنتج ذلك بناءا على تأكده من كون الشمس أكبر من القمر والأرض، فليس من المعقول أن تتحكم الأرض ذات الحجم الصغير بكوكب كبير كالشمس.

أرسطرخس الساموسي
،

ومن انجازات أرسطرخس الساموسي الأخرى، قياسه بعد الشمس والقمر عن الأرض، ونسبة حجم كل واحد منهما إلى الآخر، وهذه القياسات وردت في كتابه الوحيد (في حجم الشمس والقمر وأبعادهما) حيث قال انه عندما يكون القمر نصف مكتملاً فان الزاوية بين الشمس والقمر هى 87 درجة. وباستخدام مفاهيم هندسية صحيحة مع قياس الزاوية 87 درجة (غير الدقيقة) ادعى ان المسافة بين الارض والشمس تعادل ما بين 18 الى 20 مرة قدر المسافة بين الارض والقمر



الجدير بالذكر أن أفكار أرسطرخس الجريئة هذه قد ضاعت في ظل الفلكيين الكبار أمثال أرسطو وهيبارخوس وبطليموس وغيرهم ممن آمن بمركزية الأرض.

ثم تلى ذلك العديد من المساهمات من قبل عدد من المفكرين ، ومن ضمنهم كان أرخميدس (287 قبل الميلاد-212 قبل الميلاد) الذى اكتشف النظريات الأساسية لمركز الثقل للأسطح المستوية والأجسام الصلبة


أرخميدس

ومن أبرز القوانين التي اكتشفها قانون طفو الأجسام داخل المياه والذي صار يعرف بقانون أرخميدس.



يتبع........

من اليونانية الى العربية- الفلاسفة المسلمون
في العصر الذهبي للدولة العباسية وتحديدا في عصر المأمون بدأ العصر الذهبي للترجمة ونقل العلوم اليونانية إلى العربية و من بين الفلسفة المسلمون نجد اسحاق الكندي (805 - 873 ميلادية) الذى قدم الكثير في مجال الهندسة الكروية لمساعدته في دراسة علم الفلك. وراقب أوضاع النجوم و الكواكب ـ خاصة الشمس والقمر ـ بالنسبة للأرض وما لها من تأثير طبيعي وما ينشأ عنها من ظواهر. وهو لم يكن يؤمن بأثر الكواكب في أحوال الناس، ورفض ما يقول به المنجمون من التنبؤات القائمة على حركات الأجرام. ووجه اهتمامه إلى الدراسة العلمية للفلك و علم النجوم وأرصادها. ويعدّه بعض المؤرخين واحداً من ثمانية أئمة لعلوم الفلك في القرون الوسطى لمساهته في تطوير المرصد الفلكي في بغداد .وقدم الكندي في علم الفيزياء الكثير في البصريات الهندسية , و قد أشار الكندي في كتابه عن الضوء "أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة لتكون الرؤية مباشرة, و إذا كان الوسط يسمح للضوء بالمرور من خلاله, تتم الرؤية من خلال الزجاج لأنه شفاف أي أن الزجاج يسمح بمرور الضوء بخطوط مستقيمة لذا تكون الرؤية فيه تامة على نقيض الأجسام المعتمة التي لا تسمح بمرور الضوء, و قد درس الكندي تأثير المسافات البعيدة في الرؤية و انحراف الزوايا في التأثير النظري على الرؤية و ذلك عندما يمر الضوء في وسطيين شفافين مختلفين و حدوث الخداع البصرى أي أن الكندي أدرك انعكاس الضوء و انكساره و أوضح الظاهرة و عرف الزوايا معرفة غير مقاسة و ترك كل هذا إلى خلفه الحسن بن الهيثم


الكندي

أبو نصر محمد الفارابي (874-950) يعرف على انه اول من حقق فى طبيعة وجود الفراغ في الفيزياء. وايضاً في الديناميكا الحرارية يبدو أنه قد أجرى أول التجارب بشأن وجود فراغ . وخلص الى ان الهواء من حيث الحجم ويمكن ان يتمدد ليشغل كل الحيز المتاح . وقد اقترح نبذ فكرة الفراغ المثالى (الكامل) وقال انها غير متسقة

ابن سينا



ابن سينا

كان ابن سينا (980 - 1037 ) أول من استخدم الثيرمومتر الهوائى لقياس درجة حرارة الهواء في تجاربه العلمية.وفي عام 1253وضع نص لاتيني بعنوان منظار Tripartitum يقول عن نظرية ابن سينا فى علم الحرارة ما يلى :


يقول ابن سينا في كتابه من السماء والأرض ، " أن الحرارة تتولد من الحركة في أشياء خارجية.



اما فى الميكانيكا فقد وضع ابن سينا نظرية شاملة للحركة ، حيث فرق بين الميل (النزعة) للحركة وبين قوة المقذوف ، وخلص إلى أن الحركة هى نتيجة لنزعة (ميل للحركة) تتنتقل من القاذف الى الجسم المقذوف ، وقال ايضاً بأن حركة المقذوفات في فراغ لا تتوقف. وكان ابن سينا ينظر للنزعة (الميل) على انها قوة دائمة الأثر و لا يختفى تاثيرها الا عن طريق تاثير قوى خارجية مثل مقاومة الهواء. وبهذا تكون نظريته فى الحركة متوافقة مع مفهوم القصور الذى وضعه نيوتن فى القانون الاول للحركة
وكان ابن سينا يعرف الميل للحركة (النزعة) على انه يتناسب مع حاصل ضرب الوزن فى السرعة وهذا بالضبط يمهد لمفهوم كمية الحركة فى قانون نيوتن الثانى للحركة وقد استخدم جاين لابوريدان Jean Buridan مفهوم ابن سينا فى النزعة للحركة ليطور نظرية الزخم

يتبع............