في الوقت الذي نسمع فيه عن القنابل الموجهة بالليزر ، وعن الليزر الذي يدمر عن بعد ، وقبل أن نلعن الليزر "وسنينه" ، يجب أن نتوقف قليلا لكي نتذكر أن الليزر أيضا هو وسيلة علاجية هامة ، اذ يعرف الجميع أن الليزر يستخدم في مجال علاج عيوب النظر في العيون ، و أيضا في تخصصات الجراحة المختلفة وأهمها تجميل الجلد . لكن الجديد في الأمر أن الليزر يستخدم أيضا لعلاج بعض الأمراض الباطنية بل والنفسية وهو أمر مثير للدهشة حقا . فهو علاج بشعاع الضوء وليس بالاشعاع ، كما أنه علاج حديث وليد التقدم العلمي و التكنولوجي الهائل ، و لكن يتساءل المرء عن كيفية تعامل الليزر مع الحالة النفسية للانسان و كيف يؤثر فيها .
ولكن كيف يمكن استخدام الليزر منخفض الطاقة في علاج مرض نفسي مثل الاكتئاب ؟ في طب الوخز بالابر الصينية التقليدية ، كان مريض الاكتئاب يعالج بالوخز بالابر في مناطق معينة في الأذن ، اذ تماثل الأذن شكل الجنين المقلوب ، و تمثل الأعضاء في هذا الجنين على الأذن بنفس نسب تواجدها في الجنين . و من ثم توضع ابر صغيرة شبه دائمة لمدة حوالي اسبوع في هذه النقاط لكي تعالج الاكتئاب بدون اللجوء الى العقاقير ، ثم يجدد وضع الابر بعد ذلك حتى يتحقق الشفاء للمريض . ويفسر الاطباء ذلك بأن هذه الابر المثبتة في نقاط معينة في الأذن تزيد من مادة السيروتونين في المخ مما يؤدي الى علاج الاكتئاب ، حيث ان انخفاض هذه المادة يعد من أسباب الاصابة بالاكتئاب ، كما أن معظم الأدوية المعروفة في علاج الاكتئاب تؤدي الى زيادة هذه المادة بطريقة كيميائية . و بعد ظهور الليزر منخفض القوة ، واستعماله بديلا للابر المعدنية ، فان هذا الليزر يستخدم الآن في علاج نقاط الاكتئاب عن طريق توجيه شعاع الليزر لمدة 5 ثوان على الأكثر لهذه النقاط ، و يكرر هذا العلاج كل ثلاثة ايام ، كما يمكن استعمال الابر والليزر في نفس الوقت فيما يسمى بالعلاج الهجين .

ولقد جاء ذكر علاج الاكتئاب بالابر الصينية والليزر منخفض الطاقة لأن الاكتئاب أصبح من الأمراض النفسية المتزايدة في عالم اليوم ، حيث يعالج عادة بمعالجة نفسية أو بالأدوية مضادة الاكتئاب . و يصف الطب الصيني التقليدي الاكتئاب بأنه اضطراب في وظائف بعض الأعضاء الداخلية في جسم الانسان من ناحية نقص نشاطها أو زيادته . ومن اعراض اضطراب وظائف هذه الأعضاء في الطب الصيني التقليدي برودة اليدين و القدمين ، الاحساس بالتعب ، انخفاض النشاط ، و نقص الطاقة ، وتدني الحالة المزاجية . وقد تزيد أعراض الحالة فتشمل الاحساس بالبرودة في أسفل الظهر ، مع تصلبه و الاحساس بالألم فيه . وبدخول الوخز بالابر والليزر منخفض الطاقة مجال علاج عديد من الأمراض ، و تحقيقه لمستو عال من النجاح في العلاج ، فان ذلك يقلل من مشاكل التعامل مع الأدوية الكيماوية و ما يتبع ذلك من احتمالات ادمان هذه الأدوية أو التعرض لآثارها الجانبية غير المرغوبة .

ولقد أصبح الاكتئاب مرضا ملازما لحالات السمنة وزيادة الوزن ، بما تمثله هذه الحالات من ثقل في الحركة ، و آلام في المفاصل و الظهر ، و عدم القدرة على ارتداء الملابس الجميلة ، و ايضا في تدني تصور الانسان السمين لنفسه . وعلاج حالات السمنة يؤدي بالضرورة الى تحسن حالات الاكتئاب المصاحبة بل وزوالها تماما .
وعلاج السمنة بالليزر منخفض الطاقة يستخدم أيضا نفس المفهوم ، في استخدام نقاط الوخز بالابر الصينية في الأذن، و بالذات نقاط الشهية ، و المعدة ، و الرئة - وهي ذاتها النقطة التي تستخدم في علاج الادمان ، حيث توصف حالات السمنة في الطب الصيني التقليدي بأنها حالات ادمان للطعام – و أيضا تعالج نقطة في الأذن تسمي في الطب الصيني " بوابة الروح " حتى تهدأ الحالة النفسية لمريض السمنة الذي قد يتوتر مع اتباع نظام لخفض الوزن. وفي هذه الحالة توضع الابر شبه الدائمة في نقاط معينة في الأذن ، ثم تعرض لشعاع الليزر منخفض الطاقة لمدة 5 ثوان ، ثم تترك في مكانها لمدة اسبوع حيث يكرر العلاج . و يمكن أيضا تنشيط نقاط مختلفة في جسم المريض باستخدام شعاع الليزر وحده ، بديلا عن استخدام الابر المعدنية التقليدية . و مع استخدام الليزر لعلاج السمنة ، يوصف للمريض نظام غذائي خاص يضمن له الحصول على كل المواد الغذائية التي يحتاجها الجسم ، و في نفس الوقت تخدم هدف التخلص من الوزن الزائد ، مع مراعاة تغييرمرضى السمنة لسلوكهم الغذائي و الحركي حتى لا يعودوا للسمنة مرة أخرى ، مع ممارسة الرياضة بصفة منتظمة خلال برنامج علاج السمنة ، و أيضا بعض الانتهاء منه .