عندما ترتفع درجات حرارة الطقس، غالباً نحاول تبريد أنفسنا عن طريق تشغيل مكيفات الهواء التي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة والمال. لكن هذا من الممكن أن يتغير بفضل جهاز ضوئي جديد بإمكانه التبريد إلى ما تحت درجة حرارة المحيط دون استهلاك طاقة. يستهلك التبريد حوالي 15% من الطاقة المستخدمة في الأبنية في الولايات المتحدة، ويساهم بشكل كبير في انبعاث غازات الاحتباس الحراري. ومن المتوقع أن يتجاوز استهلاك الطاقة الناتج عن التبريد حول العالم، الاستهلاك المستخدم للتدفئة بحلول عام 2070.
بإمكان الأجسام تبريد نفسها دون استهلاك طاقة، عبر إشعاع طاقة على شكل أشعة تحت حمراء. هذه العملية ليست فعالة عادةً لأن الأجسام تسخن كذلك بسبب تيارات الحمل الحراري الهوائية، وعبر امتصاص الإشعاع الصادر عن أجسام أخرى ومن الهواء. ولكن الهواء يمتص ويصدر كميات قليلة من الأشعة تحت الحمراء عند أطول موجية تتراوح بين (8-13) ميكرومتر. وعبر هذه "النافذة" تخفض الأرض درجة حرارتها ليلاً –خصوصاً عندما تكون السماء صافية- عبر إرسال الإشعاع إلى الفضاء الخارجي. لتطبيق استخدام عملي لهذا الأثر خلال النهار، يجب أن يصدر سطح الجسم الإشعاع عبر هذه النافذة، وأن يعكس ضوء الشمس في نفس الوقت لتقليل الحرارة التي يمتصها. المشكلة أنه لا توجد مادة معروفة في الطبيعية تقوم بهاتين المهمتين معاً.
لحل المشكلة قام الفيزيائي Shanhui Fan وزملاؤه في جامعة ستانفورد بصناعة جهاز يلائم هذه المهمة. حيث صمم الفريق بنية من سبع طبقات متناوبة من ثنائي أوكسيد السيليكون (الزجاج) وثنائي أوكسيد الهافنيومHfO2. وكلا هاتين المادتين شفافتان عند الضوء المرئي، ولكن تصدران الإشعاع بشدة عند الأطوال الموجية القريبة من 10 ميكرو متر. تتوضع هذه الطبقات على طبقة من الفضة لتشكل مرآة عاكسة للضوء المرئي. استخدم Fan وفريقه محاكاة حاسوبية لاختيار ثخن الطبقات المختلفة التي ستزيد كلاً من أشعة الشمس المنعكسة والأشعة تحت الحمراء المنبعثة.ومن ثم قام الباحثون بتركيب الجهاز ذو السماكة التي تبلغ 2 ميكرومترعلى رقاقة سيليكون دائرية قطرها 20 سنتمتر، وأضافوا صفيحة بلاستيكية لمنع تدفق تيار الحمل الحراري الهوائي، ووضعوا الجهاز على سقف مبنى في ستانفورد. فوجدوا أنه في يوم مشمس ستكون درجة حرارة الجهازأقل بـ 4 إلى 5 درجات من درجة حرارة الهواء المحيط. وبذلك يكون هذا الجهاز أول جسم يقوم بالتبريد تحت أشعة الشمس المباشرة دون استهلاك الطاقة. يخطط الباحثون الآن لاختبار اختراعهم على قسم أكبر من السطح. حيث يقولون أن جهاز كجهازهم يمكنه يوماً ما تبريد بناء عبر التماس المباشر أو عبر
تبريد مياه تُضخ خلال البناء.
وبما أن ثنائي أكسيد الهافنيوم مادة غالية الثمن نسبياً، يقول الفريق أنه يمكن أن يُستبدل بأوكسيد التيتانيوم الأرخص. حيث يمكن صناعة الجهاز باستخدام تقنيات تصنيع تجارية، وبذلك من
الممكن تحت ظروف مناسبة دمجه مع تكييف الهواء التقليدي المُشغل بالطاقة الشمسية لتحقيق تكلفة أقل، ونظم تبريد أقل اصداراً للكربون. وبإمكانها أيضاً أن تعمل إلى جانب الألواح الشمسية، حيث يقول الباحثون أنه عادةً ما يتم تثبيت هذه الألواح على الأسقف مواجهة للشمس. بينما الجهاز الجديد يعمل بكفاءة أفضل عندما لا يكون مواجهاً للشمس.
يقول المهندس Min Gu من جامعة Swiburne للتكنولوجيا بأستراليا أنه إضافةً إلى تبريد الأبنية، بإمكان هكذا جهاز مساعدة الألواح الشمسية للعمل بشكل أفضل. حيث تصبح الألواح الشمسية أقل فعالية عند ارتفاع حرارتها، لذلك هذه الطريقة لإبقاء الألواح باردة دون استهلاك طاقة ستكون نعمة كبيرة. يقول Gu: "إنها مشجعة للغاية بالنسبة لنا. الآن بإمكاننا تصميم شيء للاندماج في الخلية الشمسية". يقول الفيزيائي Claes-Goran Granqvist من جامعة أوبسالا في السويد ان فريق Fan أثبت "مفعول مثير للاهتمام". ولكنه لاحظ بأن الباحثين يواجهون تحديات إضافية في تصنيع جهاز عملي. فعلى سبيل المثال، الجهاز لن يعمل بشكل جيد في الأيام الغائمة، عندما يغطي بخار الماء نافذة الغلاف الجوي الـ (8-13) ميكرو متر. بالإضافة إلى أن الصفيحة البلاستيكية الرقيقة التي استخدمها الباحثون لمنع تيارات الحمل الحراري الهوائية قد لا تصمد أمام الرياح الشديدة. يقول Granqvist: " إنها خطوة للأمام، ولكن يوجد الكثير من الخطوات الأخرى يجب اتخاذها".

المصدر:
هنا