الزمان فى النسبية
الضوء هو طريقة الإتصال الوحيدة فى الكون



مما سبق تبين أن هذا الكون يحتاج إلى طريقة جديدة لتقدير المسافات بين مجراته ونجومه لأن إستخدام وحدة المتر أو الميل ستقودنا إلى أرقام كبيرة جداً لا يمكن تخيلها ولهذا فإن العلماء يستخدمون سرعة الضوء لقياس المسافة حيث أن سرعة الضوء 300 ألف كيلومتر فى الثانية (الضوء يدور حول الأرض 7 مرات فى الثانية أى عندما تقول كلمة واحدة يكون الضوء قد لف حول الأرض سبع مرات) وإذا حسبنا المسافة التى يقطعها الضوء فى السنة نجد أنها مسافة كبيرة جداً (الأرقام الفلكية) فمثلاً نعلم أن أشعة الشمس تصلنا خلال ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا ثمانى دقائق ضوئية وهنا استخدمنا وحدة الزمن لقياس المسافة.

مثال آخر على أقرب نجم إلى المجموعة الشمسية يسمى ألفا قنطورس يبعد عنا أربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيدة فى مجرتنا تبعد عنا الآف السنوات الضوئية ويقدر قطر درب التبانة بـ 80 ألف سنة ضوئية (تخيل أن الضوء الذى يصدر عند أحد أطرافها يصل إلى الطرف الآخر بعد ثمانين ألف سنة) كل هذا فى مجرتنا وبعض التلسكوبات رصدت مجرات تبعد عشرة الآف مليون سنة ضوئية ذلك يعنى أنه إذا وقع حدث ما فى طرف الكون فإنه لا يصل إلى الطرف الآخر قبل مرور عشرة الآف مليون سنة!!! وسنعلم أيضا أن الكون لا زال يتمدد وبسرعات هائلة... سبحان الله ولا نملك إلا أن نقول ذلك..

الأرقام والأبعاد الفلكية السابقة ضرورية لشرح الموضوع التالى والذى من خلاله سنوضح مفهوم نسبية الزمن لدى آينشتين.
افترض أنك في غرفة مظلمة تماماً وتحرك جسم من مكان إلى مكان آخر فى هذه الغرفة فإنك لا تعلم بذلك (على افتراض أنك لا تعتمد على حاسة السمع) ولكن فى وجود الضوء فإن انتقال الجسم أو حركته ترصدها من خلال إنعكاس الضوء من على الجسم المتحرك إلى العين.

الضوء هو الوسيلة الوحيدة التى نعلم من خلالها حدوث حدث ما فى الكون وهو أسرع وسيلة لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات فحدث ما على الشمس نعلم به على الأرض بعد ثمانية دقائق من وقوعه، وإنفجار نجم ألفا قنطورس يصلنا خبره بعد أربعة سنوات لأن الضوء القادم منه سيصل الأرض بعد أربعة سنوات وكذلك النجوم التى نراها فى الليل قد لا تكون موجودة الآن ولكننا نرى الضوء الذى صدر عنها منذ سنوات أو الآف السنوات حسب بعدها عنا أما التى تبعد عنا ألف مليون سنة ضوئية فإن ضوءها الذى يصلنا الآن يعطينا معلومات عنها قبل ظهور الحياة على الأرض!! هذا يقودنا إلى أن كلمة الآن لا وجود لها إلا على الأرض هذا كله يدركه الناس ولا غرابة فيه لأننا نعلم كم هذا الكون واسع وفسيح.. لم تقف النظرية النسبية عند هذا الحديث فقط بل تعدته إلى القول أن الزمن نفسه لا يجرى فى الكون بشكل متساوى بل يقصر ويطول حسب سرعتنا ومكاننا بالنسبة للحدث. وليس المقصود هنا أن ذلك مجرد شعورنا بأن الزمن يمر ببطء أو أنه يمر بسرعة حسب مشاعرنا بالسعادة أو التعاسة عندما نقوم بعمل ما. فنسبية الزمن لا تعتمد على شعورنا ومزاجنا إنما المقصود فى النظرية النسبية أن الساعة الزمنية التى تدل على فترة معينة من الزمن هى التى تطول أو تقصر حسب السرعة والمكان.
المصدر :السيمفونية الناقصة لأينشتين والأوتار الفائقة