قوة جاذبية الشمس
يرجع الفضل في حركة الأجرام السماوية في الفضاء دون أن يصطدم بعضها ببعض إلى الحساب الدقيق الذي وضعه الله تعالى ’’لمداراتها’’ التي تتحرك فيها· فالمسار الذي تتبعه الأجرام السماوية في دورانها حول الشمس يسمى ’’مدار’’· وليس هناك أي كوكب يمكنه أن يخرج عن مداره ليتحرك في اتجاه آخر، فالكواكب مشدودة إلى الشمس بقوة الجاذبية· تأملوا جيدا، ففي اللحظة التي تقرأون أنتم فيها هذه السطور تدور الأرض في مدارها حول الشمس بسرعة 108 آلاف كيلو متر في الساعة· ويمكنكم أن تعرفوا ضخامة هذه السرعة على النحو التالي: إن أقصى سرعة يمكنكم أن تصلوا إليها عند قيادة سيارة عادية هي 200 كيلو متر، يعني أن الأرض تدور حول الشمس بسرعة تبلغ 540 مرة بحجم سرعة السيارة· ويمكن أن نفهم الأمر بشكل أوضح من خلال هذا المثال أيضا: فسرعة الرصاصة تبلغ 1800 كيلو متر في الساعة، وسرعة الأرض في دورانها حول الشمس تبلغ 60 مرة حجم سرعة الرصاصة ·
والعكس أيضا صحيح، بمعنى أنه لو حدثت زيادة في قوة جاذبية الشمس فإن الأرض تتجه نحو الشمس بسرعة هائلة وتذوب وتتبخر· وبالتأكيد فنحن أيضا سوف نتبخر معها· وبالإضافة إلى ذلك، فإن قوة جاذبية الشمس تحول دون اصطدام الكواكب عند اقترابها ببعضها البعض· حسنا، ولكن هل فكرتم يوما كيف يمكن للشمس أن تجذب إليها هذه الكواكب؟ في الحقيقة، إن كل شيء واضح للغاية· فالله تعالى خالقنا هو الذي خلق هذه الكواكب، وهو الذي يحميها باستمرار بذلك النظام البديع ·
فبسرعة الأرض الهائلة هذه، تكون قوة جاذبية الشمس غاية في الأهمية· فلو أنه حصل نقص في قوة جاذبية الشمس فإن الأرض تضيع في الفضاء بسرعة غير عادية، وذلك يمثل نهايتها ···
وإلى جانب ذلك، فليست الشمس فقط هي التي تملك هذه الجاذبية· فجميع الكواكب الموجودة في داخل النظام الشمسي تملك أيضا قوى للجاذبية· ومثلا، فقوة جاذبية الأرض تجذب إليها القمر· وبسبب هذه الجاذبية يبقى القمر معلقا على مسافة محددة من الأرض· وبفضل ذلك، فإن الأرض بمأمن من خطر اصطدام القمر بها· ولا شك في أن الذي منع القمر من السقوط على الأرض هو الله سبحانه و تعالى القدير على كل شيء ·
وهناك قوةُ جاذبيةٍ أخرى شبيهة بجاذبية الشمس وهي مهمة جدا بالنسبة إلى حياة الإنسان، وهي قوة جاذبية سطح الأرض· فجاذبية سطح الأرض هي التي تمكننا من الحركة والجري على سطح الأرض · تصوروا أن في يد أحدكم كرة، فماذا يحدث عندما يسحب الواحد يده؟ إن الكرة تسقط أليس كذلك؟ لأن جاذبية سطح الأرض جذبتها إلى الأسفل· أما لو كانت هذه الكرة في الفضاء فإنها لن تسقط إلى الأسفل· فعندما يتجه الواحد منا نحو الفضاء فإن جاذبية سطح الأرض تنتهي· ولهذا السبب فجاذبية سطح الأرض مهمة جدا بالنسبة إلى وجودنا ·
ولكن هناك أمر آخر مهم جدا أيضا: فجاذبية سطح الأرض ينبغي أن تكون على النحو الذي هي عليه الآن· فلو كانت هذه الجاذبية أقل مما هي عليه لأصبح الواحد يمشي في الفضاء ولا يستطيع أن يضع قدمه على الأرض، ولا يمكنه أن يتحرك بحرية، ويقذف به من مكان إلى آخر باستمرار· وعندما يريد أن يخطو خطوة يقفز فيصطدم بالسقف· والأمر نفسه فلو زادت هذه الجاذبية، فإن الواحد منكم يتسمر على سطح الأرض ولا يستطيع أن يتحرك· ولا يمكنه أن يتحرك إلا زاحفا · ولكن، لم يحدث لنا أي شيء من هذا، لأن الله تعالى خلق هذه الجاذبية بأفضل شكل لكي يحفظ حياتنا· ونقدم مثالا في هذا الموضوع لكي يتضح الأمر أمامكم أكثر: فمثلما هو الأمر على الأرض توجد أيضا قوة جاذبية على سطح القمر، غير أن هذه الجاذبية أضعف بكثير إذا قارناها بجاذبية الأرض· ولهذا السبب لا يمكن لأحد أن يعيش على سطح القمر· ولا شك أنكم شاهدتم في التلفزيون أو في أحد الأفلام المتعلقة بالفضاء حركة رائد الفضاء على سطح القمر· فهل يمكننا أن نقضي كل حياتنا على ذلك النحو؟ لا شك أن ذلك مستحيل ·