مقال وجدته في احد المواقع

أسرع من الضوء؟
تُظهر بعض تجارب الضوء الكمومي إمكانية أن ينشأ، بين حادثين بعيدين أحدهما
عن الآخر، تأثير متبادل ينتقل بأسرع من انتقال أية إشارة بينهما.
لكن تحليل هذه التجارب يدل على أنها لا تخرق نظرية النسبية.
<Y.R. شياو> ـ <G.P. كويات> ـ <M.A. ستاينبرگ>

غالبا ما يتحول الخيال إلى حقيقة أمام الباحثين في الميكانيك الكمومي، وقد ظهر مؤخرا مثال جلي على ذلك عند دراسة الظاهرة المدعوة باللاموضعية nonlocality أو "الفعل عن بعد، action at a distance، وهو مبدأ سيدعونا إلى إعادة التفكير في أحد الاعتقادات الأكثر أساسية في الفيزياء الحديثة، وهو أن لا شيء ينتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء.

يحدث خرق ظاهري للاقتراح السابق عند اختفاء جسيم أمام جدار وظهوره آنيا تقريبا من جانبه الآخر. وهنا يمكن أن يساعدنا الاستشهاد بالكاتب <L. كارول> في تبسيط فهم العملية. فعندما تقفز <أليس> Alice عبر مرآة فإن حركتها تشكل، بمعنى ما، فعلا عن بعد أو فعلا لاموضعيا، إذ يكون مرورها السهل عبر الجسم الصلب (الزجاج) آنيا. وبالمعنى نفسه يكون سلوك الجسيم غريبا أيضا لأننا إذا ما حاولنا حساب سرعته الوسطى فسنجدها أكبر من سرعة الضوء.

والسؤال هو: هل يمكن حدوث هذا الأمر فعلا؟ أي هل يمكن أن نخرق مجانا أحد أشهر القوانين الأساسية في الفيزياء الحديثة؟ أم أن هناك خطأ ما في فهمنا للميكانيكا الكمومي أو لسرعة العبور traversal velocity؟ للإجابة عن أسئلة من هذا القبيل قمنا ـ ومعنا العديد من الباحثين ـ بإجراء الكثير من التجارب الضوئية لسبر بعض مظاهر اللاموضعية في ميكانيك الكم. وبشكل خاص، سنعنى في هذا المقال بإعطاء ثلاثة براهين على وجود مفعولات لاموضعية. سنقارن، في المثال الأول، بين انتشار فوتونين يمر أحدهما عبر "جدار"، وينتشر الآخر في الخلاء. وفي المثال الثاني، سنقوم بتوقيت هذا السباق ونبين أن كلا منهما يسير في كلا الطريقين المختلفين. أما التجربة الأخيرة، فتبين أن أي فوتونين توأمين يتصرفان بما يدل على أنهما يظلان مقترنين على الدوام، ولو كانا مفصولين بمسافة كبيرة لدرجة أن لا يتسع الوقت لانتقال أية إشارة بينهما.

إن التمييز بين الموضعية واللاموضعية يرتبط بمفهوم المسار. فعلى سبيل المثال، عندما يقذف لاعب كرية ما فإنها ستأخذ، بموجب الميكانيك التقليدي، موضعا محددا في كل لحظة. أي أننا، إذا أخذنا لقطة تصويرية للكرية في كل لحظة ثم رصفنا الصور بالترتيب، سنجد خطًا أملس ومستمرا هو مسار الكرية بين اللاعب والهدف. وفي كل نقطة من هذا المسار تأخذ الكرية سرعة محددة تكون مرتبطة مباشرة بطاقتها الحركية. فإذا ما انتقلت الكرية على أرض مستوية فإنها ستتحرك بسرعة منتظمة (مع افتراض عدم وجود الاحتكاك)، أما إذا أخذت الكرية بصعود تل فستتحول طاقتها الحركية إلى طاقة كامنة. وبالنتيجة تتباطأ الكرية حتى التوقف، وقد تعود للهبوط. وفي لغة الفيزياء يدعى هذا التل حاجزا، لأن الكرية لا يمكن أن تعلو أكثر من ارتفاعه، ولذلك فهي ترجع دائما للوراء. وبشكل مشابه، لن تتمكن أليس من قذف الكريات (أو القنافذ المكوَّرة كما أراد كارول في قصته) بطاقة كافية لاختراق الحائط وسترتد الكرات عائدة نحوها مرة ثانية.

لكن مفهوم المسار هذا لا يصح في الميكانيك الكمومي، لأننا لا نستطيع أن نمثل فيه موضع الجسيم المتحرك بنقطة رياضياتية (هندسية)، وذلك بخلاف الكريات في الفيزياء التقليدية. بل يجب علينا، في ميكانيك الكم، أن نمثل الجسيم برزمة أمواج ذات امتداد (غير نقطية) تشبه درع السلحفاة، لأن هذه الرزمة يتزايد ارتفاعها من المحيط نحو المركز في أي اتجاه. ويتعلق ارتفاع كل نقطة من الرزمة باحتمال وجود الجسيم في تلك النقطة. فكلما كان ارتفاع هذا الجزء من الموجة كبيرا زاد احتمال وجود الجسم فيه. ويمثل عرض الرزمة من الأمام إلى الخلف الارتياب الجوهري في موضع الجسيم [انظر ما هو مؤطر في الصفحة 63]. ومن ناحية ثانية، تختفي كل الرزمة الموجية عند اكتشاف الجسيم في موضع معين. فالميكانيك الكمومي لا يخبرنا عن مكان الجسيم قبل لحظة اكتشافه.

إن الارتياب في الموضع يؤدي إلى إحدى أهم النتائج المميزة للميكانيك الكمومي. فإذا ما تصرفت القنافذ وفق الميكانيك الكمومي فسيعطي الارتياب في الموضع حظا ضئيلا (ولكنه موجود حتما) لظهور هذه الحيوانات من الجانب الآخر للجدار. ويطلق على هذا السلوك اسم "مفعول النفق"، وهو يؤدي دورا رئيسا في العلم والتقانة؛ وله أهمية كبيرة في الاندماج النووي، وفي بعض الأجهزة الإلكترونية البالغة السرعة، وفي المجاهر ذات المقدرة الفاصلة العالية (عالية الميز) المتوافرة حاليا، وأيضا في بعض النظريات الكونية.

ـ وبالرغم من أن كلمة "النفق" قد توحي بحدوث ثقب أثناء الاختراق، فإن الحاجز يظل سليما دائما. وفي الحقيقة تكون الطاقة الحركية للجسيم داخل الحاجز سالبة. وبما أن السرعة متناسبة مع الجذر التربيعي للطاقة الحركية، يجب علينا أخذ الجذر التربيعي لعدد سالب أثناء الاختراق، وبالتالي يستحيل إعطاء سرعة حقيقية للجسيم داخل الحاجز.

ولهذا السبب يصبح القنفذ الذي مرق إلى الجانب الآخر من الجدار مشوش الذهن عند النظر إلى الميقاتية ـ كما هي حال معظم الفيزيائيين منذ الثلاثينات ـ التي استعارها من الأرنب الأبيض، فما الوقت الصحيح؟ أو بمعنى آخر ما المدة الزمنية التي استغرقها اختراق الحاجز؟

وعبر سنوات طويلة جرت محاولات كثيرة لفهم معضلة المدة الزمنية التي يستغرقها الاختراق النفقي، ولكن لم تحظ أية واحدة منها بإجماع الفيزيائيين، لكننا أنجزنا مؤخرا تجربة تستخدم الفوتونات بدل القنافذ وتعطي تعريفا عمليا لهذه المدة الزمنية.

إن الفوتونات هي الجسيمات الأولية (العنصرية) المكوِّنة للضوء. فحبابة المصباح الكهربائي العادية تصدر أكثر من مئة بليون فوتون في كل جزء من بليون من الثانية، لكن تجربتنا لا تحتاج إلى الكثير من الفوتونات، فلإجراء قياساتنا استعملنا منبعا ضوئيا يصدر في كل لحظة زوجا من الفوتونات بحيث يتجه كل واحد منهما نحو مكشاف مختلف. كما يوضع حاجز في مسار أحد الفوتونين، في حين يترك الثاني من دون أي حاجز. وفي معظم الوقت يرتد الفوتون الأول عن الجدار ويضيع، ولكن الفوتون الأول يمرق (ينفذ من كل شيء) نفقيا من حين لآخر عبر الحاجز، وعندئذ يصل كل فوتون إلى مكشافه، وفي هذه الحالة يمكننا مقارنة لحظتي وصولهما ومعرفة المدة التي استغرقها الاختراق النفقي.


يأخذ دورَ الحاجز في هذه العملية عنصرٌ ضوئي عادي هو المرآة. ولكنها مرآة لا تشبه المرايا المستخدمة في الحياة اليومية (إذ تعتمد هذه الأخيرة على تغطية معدنية، وهي تمتص ما يعادل %15 من الضوء الوارد). تتألف المرايا المستعملة في مخابرنا من طبقات رقيقة متعاقبة مصنوعة من نوعين زجاجيين شفافين مختلفين يخترقهما الضوء بسرعتين متخالفتين قليلا، فتعمل هذه الطبقات عمل مبطئات دورية للسرعة. تعمل كل طبقة بمفردها على إبطاء سرعة الضوء، ولكن عند وضع الطبقات منضودة بعضها فوق بعض وبثخانات مناسبة فهي تشكل منطقة تمنع الضوء من المرور. فعلى سبيل المثال، تعكس تغطية متعددة الطبقات ثخانتها ميكرون واحد ـ أي ما يعادل جزءا من مئة من قطر الشعرة البشرية ـ نحو%99 من الضوء الوارد عند الطاقة الفوتونية (أو بمعنى آخر عند لون الضوء) التي صممت من أجلها.

ونحن نهتم في تجربتنا بالكمية الباقية التي تمرق عبر هذه المرآة، أي نحو %1 من الفوتونات الواردة.
خلال أيام عديدة من جمع المعطيات مر أكثر من مليون فوتون نفقي عبر الحاجز واحدا إثر آخر. وقد قارنا بين لحظات وصول الفوتونات المارقة ولحظات وصول توائمها التي انتقلت (من دون ملاقاة أي حاجز) بسرعة الضوء. (غير أن سرعة الضوء كبيرة جدا بحيث إن الأجهزة الإلكترونية العادية تكون أبطأ بمئات آلاف المرات من أن تستطيع إجراء المواقتة بين زمني وصول الفوتونين، لكننا سنشرح لاحقا الطريقة المستخدمة لذلك في المثال الثاني على اللاموضعية الكمومية).

والنتيجة المدهشة التي لاحظناها هي أن الفوتونات النفقية المارقة تصل ـ وسطيا ـ قبل الفوتونات المارة من دون ملاقاة حاجز، وهذا يقتضي سرعة مرور وسطي تصل إلى 1.7 مرة من سرعة الضوء. وهذه النتيجة تبدو مناقضة للمفهوم التقليدي للسببية؛ فوفقا لنظرية آينشتاين في النسبية لا يمكن لأية إشارة أن تنتقل بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فإذا ما أمكن للإشارات الانتقال بسرعة أكبر من سرعة الضوء يصبح بوسع الأفعال الحدوث قبل مسبباتها من وجهات نظر بعض الراصدين. فمثلا يكون بوسع المصباح الكهربائي أن يتوهج قبل أن نغلق قاطعة التيار (مفتاح الكهرباء).


لنطرح الموضوع بتعبير أدق. إذا ما قررنا في لحظة معينة البدء بإطلاق الفوتونات نحو مرآة عن طريق فتح بوابة في تلك اللحظة، وجلس إنسان في الجانب الآخر من المرآة ينتظر وصول هذه الفوتونات، فكم من الوقت سيمضي قبل أن يعلم هذا الإنسان بأننا قد فتحنا البوابة؟ ربما يبدو لأول وهلة أن مروق الفوتون نفقيا بسرعة أكبر من سرعة الضوء يجعل هذا الإنسان يرى الضوء قبل أن تتمكن الإشارة، المنتقلة بالسرعة الحدية النظرية، من الوصول إليه؛ وهذا خرق لوجهة نظر آينشتاين في السببية. ولذا تبدو هذه الحالة وكأنها تبيح اختراع منظومة من تقانات الاتصالات الغريبة العجيبة. وفي الحقيقة قادت مقتضيات التأثيرات الأسرع من الضوء بعض الفيزيائيين في بداية القرن العشرين إلى اقتراح تفسير لميكانيك الكم غير التفسير المتفق عليه.

ولكن هل يتيح ميكانيك الكم تفادي مفارقة حصول المفعولات قبل حدوث أسبابها؟ على الرغم من أن ذلك يحرمنا من الإمكان المثير للتلاعب بالسبب ومفعوله. لقد تحدثنا حتى الآن عن سرعة مروق الفوتونات ضمن منظور تقليدي، أي كما لو أنها كانت كمية تُرصد مباشرة. لكن مبدأ <هيزنبرگ> في الارتياب يشير إلى عكس ذلك؛ فليست لحظة إصدار الفوتون معينة بدقة، وكذلك حال موضعه وسرعته أيضا. والحقيقة أن موضع الفوتون يتمثل حقا بوساطة توزع احتمالي جرسي الشكل bell-shaped probability distribution ـ وهو درع السلحفاة في مثالنا ـ ذي عرض متناسب مع الارتياب في موضعه.

ويمكن أن نستعين بتشبيه مجازي لفهم هذه النقطة. لنتصور سباقا بين سلاحف تنطلق، لحظة فتح البوابة، من وضع كانت أنوفها تشكل فيه خطا مستقيما. إن لحظة ظهور الأنف عند خط الوصول (المكشاف) تعيِّن لحظة بدء إمكانية مشاهدة أحد الفوتونات: إذ لا يمكن استقبال أية إشارة قبل وصول الأنف. ولكن، بسبب الارتياب في الموضع، يتجاوز الفوتون، وسطيا، خط الانطلاق متأخرا قليلا. ويزحف معظم جسم السلحفاة (أي المناطق التي يكون احتمال كشف الفوتون فيها أكبر) وراء أنفها.

سوف نمثل ـ بغرض التبسيط ـ توزع احتمال الفوتون الذي يذهب من دون إعاقة نحو المكشاف "بالسلحفاة 1" والفوتون الذي يمرق نفقيا من الحاجز "بالسلحفاة 2". عندما تصل السلحفاة 2 إلى الحاجز النفقي فإنها تنقسم إلى سلحفاتين صغيرتين: تنعكس أولاهما إلى الخلف نحو نقطة البدء، وتعبر الأخرى الحاجز. تمثل هاتان السلحفاتان الجزئيتان معا توزع احتمال فوتون واحد. وعندما يُكشف الفوتون في موضع معين فإن سلحفاته الجزئية الأخرى ستختفي فورا، وتكون السلحفاة المنعكسة أكبر من السلحفاة المارقة وذلك ـ ببساطة ـ لكون احتمال الانعكاس أكبر من احتمال الاختراق (نذكِّر أن المرآة تعكس تسعة وتسعين في المئة من الفوتونات).

نلاحظ أن قمة درع السلحفاة 2، التي تمثل الموضع الأكثر احتمالا للفوتون المارق نفقيا، تصل إلى خط النهاية قبل قمة درع السلحفاة 1، غير أن أنف السلحفاة 2 لا يصل قبل أنف السلحفاة 1. وبسبب انتقال أنوف السلاحف بسرعة الضوء، لا يمكن للفوتون الذي ينبئ بفتح بوابة البدء أن يصل في وقت أقل من الوقت الذي تسمح به السببية [انظر الشكل في الصفحة المقابلة].

وعلى كل حال، فإن الأنف يمثل منطقة احتمال ضئيل، لدرجة أن يندر جدا وجود الفوتون فيها (في تجربة مثالية). أما منطقة القمة فهي التي تنبئ بالشكل الأفضل عن المواضع التي يوجد فيها الفوتون لدى اكتشافه. وهكذا، وحتى لو وصلت السلحفاتان معا إلى خط النهاية، فإن قمة درع السلحفاة 2 تسبق قمة درع السلحفاة1 (لنتذكر أن السلحفاة التي مرقت عبر الحاجز أصغر من السلحفاة 1). وبالمثل، يكون من المحتمل أكثر وصول فوتون مارق نفقيا عبر الحاجز قبل الفوتون غير المعاق المتحرك بسرعة الضوء، وهذا ما أكدته تجربتنا.


غير أننا لا نعتقد بانتقال أي قسم منفرد من الرزمة الموجبة بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ولكن الرزمة الموجبة تغيِّر شكلها reshaped أثناء الانتقال إلى أن تتآلف القمة البازغة مما كان أصلا في المقدمة، ولا تنتقل الرزمة الموجية للفوتون المارق نفقيا بأسرع من الفوتون المنتقل بشكل حر. في عام 1982 رصد كل من <S. شو> (من جامعة ستانفورد) و<S. ونگ> (من مختبرات بل AT & T) مفعولا مشابها لتغير الشكل، حيث عملا على نبضات ليزرية مؤلفة من فوتونات كثيرة ووجدا أن الفوتونات القليلة، التي مرت نفقيا عبر الحاجز، قد انتقلت بسرعة أكبر من سرعة الفوتونات التي انتقلت بحرية. ويمكن افتراض أن الفوتونات القليلة الأولى من كل نبضة قد عبرت الحاجز من دون حدوث تغيير في شكلها، لكن هذا التفسير غير ممكن في حالتنا بسبب دراستنا لفوتون واحد في كل مرة. وعند كشف فوتون نفقي يقفز الفوتون برمته آنيا إلى القسم النافذ من الرزمة الموجية متفوقا على توأمه عند خط النهاية أكثر من مرة من أصل اثنتين.

على الرغم من أن تغير الشكل يسمح بوصف مشاهداتنا، فإن سبب حدوث هذا التغير في الطريق النفقي يظل مبهما، ولم يعط أحد من الباحثين أي تعليل فيزيائي حتى الآن لسبب المروق النفقي الأسرع، وفي الواقع، فقد حير هذا السؤال الباحثين منذ مطلع الثلاثينات عندما لاحظ فيزيائيون من أمثال <E. ڤگنر> (من جامعة برنستون) بأن النظرية الكمومية تبدو وكأنها تنطوي على هذه السرعات النفقية العالية، وقد افترض البعض احتمال عدم صحة التقريبات المستعملة في ذلك التنبؤ، في حين اعتقد آخرون بأن النظرية صحيحة ولكنها تتطلب تفسيرا حذرا. يقترح بعض الباحثين، ونخص منهم <M. بوتيكر> و<R. لاندور> (من مركز توماس واطسون للأبحاث في الشركةIBM) أن كميات أخرى غير زمن وصول قمة الرزمة الموجية (مثل الزاوية التي يدورها جسم "دوّام" أثناء مروقه عبر الحاجز) يمكن أن تكون أكثر مناسبة لوصف المدة التي يقضيها الجسيم داخل الحاجز. وعلى الرغم من استطاعة الميكانيك الكمومي من التنبؤ بالزمن الوسطي لوصول الفوتون، فإنه يفتقد المفهوم التقليدي للمسارات الذي لا يوجد من دونه أي معنى واضح للوقت المقضي في منطقة معينة.

إن لمفعول النفق سمة غريبة قد تمهد الطريق لتفسير الظاهرة التي نحن بصددها. فوفقا للدراسة النظرية، لا تُطيل زيادة عرض الحاجز الزمن الذي تحتاج إليه الرزمة الموجية للمروق خلاله. يمكن فهم هذه الملاحظة بصورة عامة باستخدام مبدأ الارتياب، فكلما قلَّ الزمن الذي ندرس فيه الفوتون قلَّ تأكدنا من طاقته. وحتى لو كان الفوتون المطلق على الحاجز لا يملك الطاقة الكافية لعبوره، فإن هناك في البدء مدة زمنية قصيرة تكون طاقة الجسيم في أثنائها غير معينة؛ وكأن بإمكان الفوتون أن يقترض، أثناء هذه المدة، طاقة إضافية كافية لعبور الحاجز. ويعتمد طول هذه المدة على الطاقة المقترضة وليس على عرض الحاجز؛ فمهما بلغ عرض الحاجز يظل زمن الانتقال عبره ثابتا، وعلى هذا تكون السرعة الظاهرية لعبور حاجز عريض أكبر من سرعة الضوء.

من الواضح، لكي تكون القياسات ذات معنى، أن سلاحفنا يجب أن تقطع المسافة نفسها تماما: وبالتدقيق يجب علينا، في البداية، جعل حلبة السباق مستقيمة بحيث لا تكون لأية سلحفاة أفضلية أخذ المضمار الداخلي في حلبة دائرية. وهكذا عندما نضع حاجزا في أحد المسارين فسوف يُعزى أي تأخير أو تسريع إلى العبور النفقي الكمومي وحده. وتنطوي إحدى الطرق التي تسمح بإنشاء مضمارين متساويي الطول على تحديد مقدار الزمن الذي يأخذه الفوتون للانتقال من المنبع إلى المكشاف ضمن كل مسار، وعندما يصبح الزمنان متساويين فإننا نستنتج أن المسارين قد أصبحا متساويين أيضا.

[IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.jpg[/IMG]
يُعيِّن مقياس تداخل الفوتونين التوأمين (a) زمن سباق الفوتونات بدقة. تولَّد هذه الفوتونات في بلورة تحويل خافض ثم توجه بوساطة المرايا نحو الصفيحة الشاطرة للحزمة. عندما يسبق أحد الفوتونين توأمه في الوصول إلى الصفيحة الشاطرة للحزمة (بسبب وجود الحاجز في حالة الفوتون الأول) "يشتعل" كلا المكشافين معا في نصف الحالات تقريبا. يوجد إمكانيتان لحدوث هذا الكشف المتطابق، أولاهما أن ينفذ كلا الفوتونين من الصفيحة الشاطرة للحزمة (b)، والثانية أن ينعكسا عنها (c). ولولا رصد لحظتي وصول الفوتونين لما أمكن إيجاد طريقة لتحديد الطريق الذي سلكه كل فوتون، ولأمكن للفوتونين عبور الحاجز (تعزِّز هذه اللاموضعية حاليا من أداء المقياس التداخلي). إذا وصل كلا الفوتونين إلى الصفيحة الشاطرة للحزمة في الآن ذاته فإنهما سيخرجان منها ـ لأسباب كمومية ـ في اتجاه واحد، وبذلك لا يشتعل المكشافان. وعندئذ نقول عن الإمكانيتين المعروضتين إنهما تتداخلان بشكل هدام.


لكن إجراء هذه القياسات باستخدام ميقاتية عادية يتطلب استعمال واحدة تدور عقاربها نحو بليون بليون مرة في الدقيقة، وهذا أمر متعذر. ولحسن الحظ طور <L. ماندل> وزملاؤه (في جامعة روشتسر) طريقة تداخلية تستطيع توقيت هذه الفوتونات.

تعتمد ميقاتية ماندل على استعمال عنصر ضوئي يتألف من صفحة تسمى: شاطر الحزمة Beam splitter[انظر الشكل في الصفحة المقابلة]، حيث تُمرِّر هذه الأداة نصف الفوتونات التي تصل إليها وتعكس النصف الآخر. يُصمَّم المضمار بحيث تُطلَق الرزمتان الموجيتان للفوتونين من بوابة البدء في لحظة واحدة وتقتربان من شاطر الحزمة من جانبين متقابلين. توجد أربعة احتمالات من أجل كل زوج من الفوتونات: الأوّل هو أن يمرَّ كلاهما عبر الصفيحة، والثاني هو أن ينعكسا عنها، والثالث أن يذهب كلاهما إلى يسار الصفيحة، والرابع أن يتجها إلى يمينها. ويؤدي الاحتمالان الأولان ـ نفاذ أو انعكاس كلا الفوتونين ـ إلى حدوث ما يدعى "الكشف بالتطابق"coincidence detection، حيث يصل كل فوتون إلى مكشاف معين (يوضح كل واحد منهما على جانب شاطر الحزمة) و"يشتعل" المكشافان معا ضمن فارق زمني لا يتجاوز جزءا من البليون من الثانية، ولكن لسوء الطالع يعادل هذا الفارق الزمني تقريبا المدة التي تستغرقها الفوتونات للانتقال على طور المسار، وبالتالي لن يكون هذا الفرق كافيا لمقارنة سرعات الفوتونات.

إذًا كيف يساعد شاطر الحزمة والمكشافان على المساواة بين المضمارين؟ والجواب هو بإجراء تغيير طفيف على طول أحد المسارين إلى أن يختفي الكشف بالتطابق. وبذلك نمكِّن الفوتونات من الوصول إلى شاطر الحزمة في لحظة واحدة، وهذا يعني جعل طولي المسارين متساويين عمليا. إن هذا الاستنتاج يبدو غريبا بعض الشيء، ذلك لأن تساوي المسارين يعني تطابق الوصولين إلى كلا المكشافين، فلماذا يكون غياب التطابقات هو الإشارة المرغوب فيها؟
إن السبب في ذلك يعود إلى طريقة تفاعل الجسيمات الكمومية فيما بينها.

فالجسيمات في الطبيعة هي إما بوزونات وإما فرميونات. إن الفرميونات المتماثلة (الإلكترونات مثلا) تطيع مبدأ پاولي في الانتفاء exclusion، هذا المبدأ الذي ينفي وجود فرميونين في مكان واحد وفي لحظة واحدة. وبالمقابل تميل البوزونات (ومنها الفوتونات) إلى البقاء بعضها مع بعض.

وعلى هذا، فإن الفوتونين ـ بعد أن يصلا إلى شاطر الحزمة في لحظة واحدة ـ يفضلان الذهاب في اتجاه واحد، مما ينقص كثيرا (بل ويعدم، في تجربة مثالية) عدد التطابقات إلى أقل من العدد المتعلق بفوتونات تتصرف مستقلة بعضها عن بعض أو تصل إلى شاطر الحزمة في أوقات مختلفة.

الرزم الموجية
إن الطريقة المثلى لفهم الرزم الموجية هي بناء إحداها بضم أمواج ذات تواترات (ترددات) مختلفة فيما بينها. لنبدأ أولا بتواتر مركزي (المنحنى الأخضر) لموجة بلا بداية ولا نهاية. إذا أضفنا الآن موجتين لهما تواتران أكبر بقليل وأصغر بقليل من تواتر الموجة الأولى (المنحنيان البرتقالي والأزرق على التوالي) فإننا نحصل على شكل من قبيل النبضة (المنحنى الأبيض). وعند إضافة تواترات ذات عدد كاف، بجمعها معا، يمكن تشكيل نبضة حقيقية، أو رزمة موجية، محصورة في منطقة صغيرة من الفراغ. وإذا ما تناقص مجال الفروق بين التواترات المستعملة في تشكيل النبضة (مثلا عند استخدام الألوان الواقعة بين الأصفر والأخضر بدلا من استخدام الألوان الواقعة بين البرتقالي والأزرق) فإننا سنولد نبضة أطول؛ والعكس بالعكس، أي إذا ما زاد مجال الفروق بين التواترات المستعملة في تشكيل النبضة، بحيث يشمل كل الألوان الواقعة بين الأحمر والبنفسجي، تصبح الرزمة أقصر بكثير.
دعونا نتكلم الآن بصورة رياضياتية؛ فإذا ما استعملنا الرمز Δ ν للتعبير عن المجال التواتري (عرض نطاق الألوان) و Δt للتعبير عن أمد النبضة، فإنه يمكننا كتابة العلاقة التالية:
, Δν Δt 1/4 π
وهي علاقة تعبر ببساطة عن حاجتنا إلى نطاق لوني أعرض من أجل تشكيل رزمة موجية أقصر. ويصحُّ ذلك من أجل أي نوع من الأمواج كالضوء والصوت والأمواج المائية وما شابه ذلك.
تأخذ هذه الظاهرة معنى فيزيائيا جديدا عندما نعبر عن التواتر الكهرطيسي v بدلالة طاقة الفوتون E عن طريق علاقة پلانكE=hv حيث يرمز h لثابتة پلانك. ويتدخل المعنى الجسيمي للميكانيك الكمومي عند هذه النقطة، أي أن طاقة الفوتون تعتمد على لونه، فللفوتونات الحمراء نحو ثلاثة أخماس طاقة الفوتونات الزرقاء، حيث يمكن كتابة العلاقة الرياضياتية السابقة بالشكل التالي:
. ΔE Δt h/4 π
أصبح الفيزيائيون شديدي التعلُّق بهذه الصيغة إلى درجة أنهم أطلقوا عليها اسما هو: مبدأ هيزنبرگ في الارتياب (توجد صيغة شبيهة وأكثر شيوعا لهذا المبدأ، تربط الموضع بالاندفاع). تنص إحدى نتائج هذا المبدأ، والتي تتعلق بالتجارب الموصوفة في هذا المقال، على استحالة معرفة لحظة إصدار الفوتون وطاقته في الآن ذاته حتى مع استعمال جهاز مثالي.
وعلى الرغم من وصولنا إلى مبدأ الارتياب عن طريق بناء الرزم الموجية، فإن تطبيقه يظل أشمل من ذلك بكثير، وتبقى معانيه أكثر عمومية. ونحن لا نستطيع التأكيد بقدر كاف على تأصل الارتياب في قوانين الطبيعة، فهو ليس ناتجا من نقص في دقة أجهزة القياس الموجودة في مخابرنا. فهذا المبدأ هو الذي يمنع الإلكترونات من الوقوع في النواة الذرية، كما أنه يحد جوهريا من ميز المجاهر، ووفقا لبعض النظريات الفلكية، كان مبدأ الارتياب هو المسؤول الأول عن عدم التجانس في توزع المادة في بدء الكون.
[IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG]



وللتأكد من أن الفوتونات قد سلكت مسارات متساوية الطول، نعمد إلى تغيير طول أحد الطريقين. ففي أثناء هذا التغيير نرى أن معدل التطابقات يهبط إلى نهاية صغرى تحدث عندما تستغرق الفوتونات الزمن نفسه للوصول إلى شاطر الحزمة.

ويتعلق عرض الهبوط (العامل الذي يحد من الميز في تجاربنا) بحجم الرزم الموجية للفوتون، وهذا يعادل المسافة التي يقطعها الضوء في بضعة أجزاء من مئة تريليون جزء من الثانية (التريليون يساوي مليون مليون).

وعندما نعلم أن طولي المسارين قد أصبحا متساويين، وعندئذ فقط، نضع الحاجز في أحد الطريقين، ويبدأ السباق. وهنا نجد أن معدل التطابقين لم يعد أصغريا؛ وهذا يعني وصول أحد الفوتونين إلى شاطر الحزمة قبل الآخر. ولكي نسترد النهاية الصغرى يجب علينا تطويل المسار الذي أخذه الفوتون المارق نفقيا؛ ويشير هذا التصحيح إلى استغراق الفوتون وقتا لعبور الحاجز أقل من الوقت الذي يستغرقه لو كان يسير في الهواء.

على الرغم من تصميم الباحثين لمضمارات متساوية الطول للفوتونات ولأجهزة ذكية لضبط الوقت، فما زال إجراء المسابقة عسيرا. وتشكل إمكانية نجاح الاختبار تماما برهانا ثانيا على مبدأ اللاموضعية، فمن دون هذا المبدأ يكون مستحيلا إجراء توقيت دقيق للسباق. ولتحديد لحظة إصدار فوتون تحديدا دقيقا يجب استخدام رزم موجية فوتونية أقصر ما يمكن؛ غير أن مبدأ الارتياب ينص على أنه كلما زادت الدقة في تحديد لحظة إصدار الفوتون زاد مقدار الارتياب المقبول في معرفة قيمة طاقته (أي بمعنى آخر لونه) [انظر ما هو مؤطر في أسفل الصفحة 63].

وهكذا يفرض مبدأ الارتياب على تجاربنا أن توفر حلا وسطا بين هذين المطلبين. والألوان التي تؤلف الفوتون تتبدد dispers في أي نوع من الزجاج فَتعرُض الرزمة الموجية وتسوء الدقة في التوقيت. ومعلوم أن التبديد ينشأ عن اختلاف سرعات الألوان المختلفة في الزجاج، حيث ينتقل الضوء الأزرق بشكل أبطأ من الضوء الأحمر عادة. والمثال الشائع للتبديد هو تحلل الضوء الأبيض إلى مركباته اللونية باستعمال المنشور.

إن النفثة الضوئية القصيرة تمتط في أثناء اختراق وسط مبدِّد (أي الحاجز نفسه أو أحد العناصر الزجاجية المستخدمة في توجيه الضوء)، لأن اللون الأحمر فيها يسبق اللون الأزرق فيتسع المجال بين هذين اللونين. [انظر الشكل أدناه].

ويبيِّن حساب بسيط تضاعف عرض نبضات الفوتون مرتين بعد عبور سنتيمتر واحد في الزجاج. ولئن كان بإمكان هذا الامتطاط أن يمنعنا من تحديد السلحفاة التي عبرت خط النهاية قبل الأخرى، إلا أنه لم يكن له في تجربتنا شأن يُنقص دقة عملية التوقيت.

وهنا يأتي مثالنا الثاني على اللاموضعية الكمومية، إذ يجب على كلا الفوتونين التوأمين الانتقال أساسا على كلا المسارين معا. لكن الاختلالات التوقيتية الممكنة يعدل بعضها بعضا بما يشبه السحر.

ولكي نفهم كيف يحدث ذلك السحر نحتاج إلى فحص خاصة معينة للأزواج الفوتونية. يلد الفوتونان فيما يسميه الفيزيائيون "التحول التلقائي الوسيطي الخافض" spontaneous parametric down-conversion، وتحدث هذه العملية عندما يمر فوتون داخل بلورة ذات خواص غير خطية. تستطيع هذه البلورة امتصاص فوتون واحد وإصدار زوج فوتوني عوضا عنه، ويكون لكل فوتون منهما نصف طاقة الفوتون الأب تقريبا (وهذا هو معنى عبارة التحويل الخافض)، فمثلا يولِّد فوتون فوق بنفسجي فوتونين تحت أحمرين. يَصدر الفوتونان في الآن ذاته، ويساوي مجموع طاقتيهما طاقة الفوتون فوق البنفسجي، وبمعنى آخر تترابط ألواح الزوج الفوتوني؛ فإذا ما كان لأحدهما طاقة أكبر بقليل من نصف طاقة الفوتون الأب (أي أشد زرقة بقليل من أبيه، وبالتالي فهو ينتقل بسرعة أقل في الزجاج) فإن الآخر يكون ذا طاقة أصغر بقليل من نصف طاقة الفوتون الأب (ولذلك فهو أشد حمرة بقليل، ويجب أن ينتقل بسرعة أكبر).

وقد يعتقد المرء بأن وجود هذه الفروق بين الفوتونين القريبين يمكن أن يؤثر في نتيجة السباق (وهذا يعني أن إحدى السلاحف أقوى من الأخرى). ولكن الأمر غير ذلك، فبسبب اللاموضعية لا يعتبر حدوث أي فرق بين زوج الفوتونات ذا أهمية بالغة. فالنقطة الرئيسية هي أن المكشاف لا يملك أية طريقة لمعرفة الطريق الذي سلكه الفوتون، الذي وصل إليه، ولا أيّ فوتون ـ من الزوجين ـ قد مر عبر الحاجز.

[IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.jpg[/IMG]
يحدث تبديد النبضة الضوئية بسبب اختلاف سرعات الألوان في الزجاج. عندما تمر نبضة ضوئية داخل قطعة زجاجية فإن طولها يزداد متحولة إلى رزمة موجية "ممطوطة"، إذ ستتقدم الألوان الحمراء وتتأخر الألوان الزرقاء (بسبب كون الألوان الحمراء أكثر سرعة من غيرها في الزجاج).


ويؤدي وجود احتمالين متعايشين (أو أكثر) ـ يعطيان النتيجة نفسها ـ إلى ظهور ما يسمى بالمفعول التداخلي. فهنا يأخذ كل فوتون كلا المسارين في الآن ذاته ويتداخل هذان الاحتمالان معا. وهذا يعني تداخل احتمال كون الفوتون المار عبر الزجاج أشد حمرة (وبالتالي أسرع) من قرينه مع احتمال كونه الفوتون الأزرق (الأبطأ). وبالنتيجة، تتعادل فروق السرعة ويزول مفعول التبديد. وهكذا لا يأخذ التعرض التبديدي لنبضة فوتون واحد دورا مهما. ولو كانت الطبيعة تؤثر موضوعيا لكان من الصعب علينا إجراء أي عملية قياس. فالطريقة الوحيدة لوصف ما جرى هي القول بأن كل توأمين قد انتقلا في المسار المحتوي على الحاجز وفي المسار الحر، وهذه حالة مثالية على اللاموضعية.

لقد ناقشنا حتى الآن نتيجتين لاموضعيتين لتجاربنا الكمومية. الأولى هي قياس زمن المروق النفقي، القياس الذي يقتضي أن يبدأ الفوتونان السباق في لحظة واحدة بالضبط. والثانية هي زوال التبديد زوالا ناجما عن الترابط الدقيق بين طاقتي الفوتونين المتسابقين. وبتعبير آخر يقال إن الفوتونين مترابطان طاقيا (فيما يفعلانه) وزمنيا (في لحظة فعلهما). أما مثالنا الأخير على اللاموضعية فهو عمليا تركيب للمثالين الأولين، أي أن أحد الفوتونين يتصرف برد فعل آني على ما يفعله توأمه الآخر مهما كانت المسافة بين التوأمين.

ربما يحتج القارئ اللبيب على هذه الفكرة مدعيا أن مبدأ هيزنبرگ في الارتياب يمنع التعيين الدقيق للزمن والطاقة معا، وهو محق في حالة دراستنا لجسيم واحد. ولكن الميكانيك الكمومي يسمح لنا ـ عند دراسة جسيمين ـ بتحديد الفرق بين زمني إصداريهما ومجموع طاقتيهما في الآن نفسه، ولو لم يكن زمن إصدار أو طاقة الجسيم محددا. وقد قادت هذه النتيجة كلا من آينشتاين و<B. بودلسكي> و<N. روزن> إلى استنتاج عدم اكتمال نظرية الميكانكي الكمومي، ولذا صاغوا في عام 1935 فكرة لتجربة تبين ما يعتقدونه ثغرة في الميكانيك الكمومي.

يقول هؤلاء الفيزيائيون المعارضون: إذا ما صدقنا الميكانيك الكمومي يكون الجسيمان الناتجان من عملية تحويل خافض مقترنين. لنفترض أننا نقيس مثلا لحظة إصدار أحد الجسيمين، فبسبب الترابط الوثيق بين لحظتي إصدارهما نستطيع التنبؤ، يقينا، بلحظة إصدار الجسيم الثاني من دون التسبب في اضطرابه. ونستطيع أيضا قياس طاقة الجسيم الثاني مباشرة، فنستنتج طاقة الجسيم الأول. وهكذا نكون قد تدبرنا طريقة لتحديد طاقة ولحظة إصدار كل جسيم بدقة، وبذلك نتغلب على مبدأ الارتياب. تُرى كيف يمكننا فهم الترابطات وحل هذه المعضلة؟

[IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg[/IMG]
أُثبت وجود الترابط اللاموضعي بين جسيمين بوساطة ما يدعى "تجربة فرانسون"، يُرسل في هذه التجربة فوتونان إلى مقياسين تداخليين منفصلين ولكنهما متماثلان تماما، بحيث يستطيع كل فوتون سلوك طريق قصير "مباشر" أو طريق أطول "غير مباشر" عند الصفيحة الأولى الشاطرة للحزمة. يمكن للفوتونين الخروج عن طريق بوابتي الخروج السفلية أو العلوية. لا يعرف أي فوتون قبل دخوله في المقياس التداخلي الطريق الذي سيتخذه، ولكن بعد مغادرته المقياس يعلم كل منهما فوريا ولاموضعيا ما فعله توأمه، وبالتالي فهو يتصرف وفقا لذلك.


هناك حلان أساسيان يقضي أولهما بافتراض وجود ما دعاه آينشتاين "الأفعال الشبحية عن بعد" spooklikeactions at a distance؛ وعندئذ يكون وصف الجسيمات بوساطة الميكانيك الكمومي مكتملا. وقبل قياس إحدى الطاقتين، مثلا، لا يمكن أن نعلِّق بأي من الفوتونين أية طاقة أو أية لحظة إصدار. ولا نرصد عندئذ سوى طاقة واحدة. وبما أن مجموع طاقتي الفوتونين يساوي طاقة الفوتون الأب ذي الطاقة المعروفة، يجب على طاقة الفوتون التوأم، التي لم نقسها، أن تقفز فوريا إلى القيمة المكمِّلة التي يستدعيها انخفاظ الطاقة energyconservation. وتحدث هذه القفزة اللاموضعية مهما كانت المسافة بين الفوتونين التوأمين. ويظل مبدأ الارتياب سليما لأننا لا نستطيع أن نعين سوى أحد مضروبيه: أي أن عملية قياس الطاقة تتسبب في تشويش المنظومة وتُدخل على الفور ارتيابا جديدا في قيمة الزمن.

لكن قبول فرضية لاموضعية على هذه الدرجة من الجنون غير ممكن إذا ما استطعنا إيجاد طرائق أبسط لفهم الترابطات. وقد يكون أقرب للحدس أن نفترض أن الفوتونين التوأمين يغادران المنبع في لحظتين محددتين ومترابطتين حاملين طاقتين محددتين ومترابطتين. لكن واقع أن ميكانيك الكم لا يبيح تحديد هاتين الخاصتين معا في لحظة واحدة يدعو، بكل بساطة، إلى الشك بكمال هذه النظرية.

دافع آينشتاين وپودلسكي وروزن عن التفسير الثاني. فبالنسبة إليهم لا يوجد أي شيء لاموضعي في الترابطات الملحوظة بين أزواج الجسيمات، لأن خواص كل جسيم تكون محددة في لحظة الإصدار. فالميكانيك الكمومي لا يصح إلا كنظرية احتمالية تختص بمجموعات الفوتونات وليس بوسعه وصف الفوتونات المفردة بقدر كامل. ولذا يمكننا تصور وجود نظرية تحتية تستطيع التنبؤ بالنتائج الدقيقة لكل القياسات الممكنة وتبين أن سلوك الجسيمات موضعي. كما يجب أن تعتمد هذه النظرية على بعض المتحولات الخفية التي ينبغي كشفها لاحقا. وقد برهن <S.J. بل> عام 1964 (الذي يعمل في المخبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات التابع للمركز CERN والموجود قرب جنيف) على أن كل النظريات التي تنطوي على متحولات خفية موضعية تعطي نبوءات تختلف عن نبوءات الميكانيك الكمومي.

[IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image005.jpg[/IMG]
يوحي عدد التطابقات بين المكشافين الأيمن والأيسر في تجربة فرانسون (النقاط الحمراء مع أفضل خط ملاءمة يمر بينها) بوجود اللاموضعية. يمثل المحور الأفقي للرسم مجموع طولي المسارين الطويلين باستعمال واحدة زاوية تعرف باسم الطور. يفوق "التباين" (أي الفرق الأعظمى بين معدلي التطابقات) النهاية العظمى التي تسمح بها النظريات الموضعية الواقعية (الخط الأزرق)، وهذا يعني وجود ترابطات لاموضعية كما بيَّن <S .J. بل> من المركز CERN.


ومنذ ذلك الوقت جاءت نتائج تجريبية تؤكد الصورة اللاموضعية الكمومية وتناقض الصورة الحدسية لآينشتاين وپودلسكي وروزن. ويعود معظم الفضل، في هذه الأعمال الرائدة، إلى الفريقين اللذين قادهما <J. كلاوزر> (في جامعة كاليفورنيا ببيركلي) و<A. أسبيه> (الذي يعمل حاليا في معهد الضوئيات في أورسي بفرنسا). فقد قام هذان الفريقان في السبعينات وبداية الثمانينات، بفحص الترابط بين استقطابات أزواج الفوتونات. كما أن العمل الأحدث، الذي أجراه <R.J. راريتي> و<R.P. تابستر> (من مؤسسة الإشارة والرادار الملكية في إنكلترا) قد سبر الترابطات بين اندفاعي الفوتونين التوأمين. وقد خطا فريقنا بهذا العمل خطوة أبعد باتباع فكرة اقترحها <R.P. فرانسون> (من جامعة جون هوپكينز عام 1989) فأجرينا تجربة لمعرفة ما إذا كان باستطاعة بعض المتحولات الخفية، بدلا من الميكانيك الكمومي، تعليل ترابطات الطاقة وزمن إصدار الفوتونات.

يُرسَل الفوتونان التوأمان، في تجربتنا، من بلورة تحويل خافض، ويصلان مفصولين إلى مقياسين تداخليين متماثلين [انظر الشكل في الصفحة 65]. وقد صُمِّم كل مقياس تداخلي مثل "طريق سريع بين المدن" مع تحويلة اختيارية. يمكن للفوتون أخذ مسار قصير بحيث يتجه مباشرة من المنبع إلى مقصده، أو يمكنه أخذ طريق أطول (يمكن ضبط طوله) مارا بالتحويلة بوساطة المرور "بمحطة الاستراحة" قبل متابعة طريقه.

لنرصد الآن ما يحدث عند إرسال الفوتونين التوأمين نحو هذين المقياسين التداخليين المتماثلين. يختار كل فوتون ـ عشوائيا ـ الطريق الطويل (مع التحويلة) أو الطريق المباشر الأقصر. وبعد اتباع أحد المسارين يمكن للفوتون ترك مقياسه التداخلي عن طريق إحدى البوابتين التي نسمي إحداهما "العلوية" والأخرى "السفلية". لقد لاحظنا أن احتمالي الخروج، من البوابة العلوية أوالسفلية متساويان. فمن حقنا عندئذ أن نستنتج بالحدس أن اختيار فوتون لأحد المخرجين يمكن ألاّ يكون متعلقا باختيار توأمه للمخرج في المقياس التداخلي الثاني. لكن هذا ليس صحيحا، وبدلا من ذلك لاحظنا ترابطات قوية بين الطريقين اللذين يسلكهما التوأمان عندما يغادران المقياسين التداخليين. ومن أجل بعض أطوال التحويلة، مثلا، نلاحظ أنه كلما خرج الفوتون الأيسر من المخرج العلوي فإن توأمه الأيمن يسير إلى مخرجه العلوي.

يمكننا أن نفكر بأن الترابط كان منذ البداية وكأننا خبأنا حجر شطرنج أبيض في يد، وآخر أسود في اليد الأخرى، ثم أجرينا القرعة فوجدنا حجرا أسود في يد؛ نكون عندئذ متأكدين من وجود الحجر الأبيض في اليد الأخرى.

لكن الترابط القائم، سلفا، في حالتنا الراهنة أغرب من ذلك؛ إذ يمكننا التحكم في طبيعة الترابطات عن طريق تغيير طول المسار في أحد المقياسين التداخليين، فنستطيع الانتقال استمراريا من وضع يخرج فيه الفوتونان من بابين متوافقين (يخرج كلاهما من البوابة العلوية أو يستعمل كلاهما البوابة السفلية) في مقياسيهما التداخليين إلى وضع يخرج فيه الفوتونان من بابين متغايرين. فمن ناحية المبدأ يمكن حدوث هذا الترابط حتى لو عدلنا من طول المسار بعد انطلاق الفوتونين من المنبع. بكلمات أخرى: قبل دخول المقياس التداخلي لا يعرف أي واحد من الفوتونين الطريق الذي سيسلكه. ولكن عند مغادرة المقياس يعلم كل واحد منهما آنيا (لاموضعيا) ما الذي فعله توأمه ويتصرف وفقا لذلك.

لكي نحلل هذه الترابطات، نحصي عدد المرات التي يصدر فيها الفوتونان عن كل مقياس تداخلي في لحظة واحدة ويُكتشفان معا في المكشافين الموضوعين عند بوابتي الخروج العلوي للمقياسين التداخليين. إن عدد الفوتونات المكتشفة في هذا المكشاف أو ذاك لا يتغير بتغيير طول التحويلة عند مقياسي التداخل؛ لكن عدد التطابقات يتغير، مما يدل على وجود ترابط بين الفوتونين التوأمين. يعطي هذا التغير "أهدابا" fringes تذكرنا بالمناطق المضيئة والمظلمة في المقياس التداخلي ذي الشقين الذي يُظهر الطبيعة الموجية للجسيمات.

في تجربتنا ينطوي ظهور الأهداب على مفعول تداخلي من نوع خاص. فكما ذكرنا من قبل، يمكن تصور حدوث التداخل كنتيجة حتمية لاحتمالين متعايشين لامتمايزين (أو أكثر) يقودان إلى النتيجة النهائية نفسها (لنتذكر مثالنا الثاني على اللاموضعية الذي ينتقل فيه كل فوتون في مسارين مختلفين في الوقت ذاته مؤديين إلى حدوث التداخل). في حالتنا هذه تحدث التطابقات بطريقتين: فإما أن ينتقل الفوتونان في المسارين القصيرين أو أن ينتقلا في المسارين الطويلين. (في الحالات التي ينتقل فيها أحد الفوتونين في المسار الأقصر والآخر في المسار الأطول فإنهما يصلان في لحظتين مختلفتين ولذلك لا يتداخلان معا، وقد استبعدنا هذه العدات بمنظومة إلكترونية).

إن وجود هاتين الإمكانيتين محال على صعيد الفيزياء التقليدية، فإذا ما وصل الفوتونان إلى مكشافيهما في لحظة واحدة، بعد أن يسلكا كلا الطريقين: الطويل والقصير، يكون معنى ذلك أن كلا منهما قد صدر "مرتين"، الأولى من أجل المسار الأقصر والمرة الثانية من أجل المسار الأطول.

ولفهم ذلك دعونا نضع أنفسنا في مكان أحد المكشافين. ولنتصور أننا نتلقى رسالة من صديق موجود في قارة أخرى، وأننا نعلم أن الرسالة تصل إما بالطائرة بعد أسبوع من إرسالها، أو بالباخرة بعد شهر. ولكي يحدث تداخل يجب أن ترسل الرسالة نفسها في موعدين مختلفين، وهذا غير معقول من الناحية التقليدية. ولكن وجود التداخل في تجربتنا يعني أن كل فرد من التوأمين الفوتونيين قد صدر عن البلورة في لحظتين لا يمكن تمييز إحداهما عن الأخرى، أي بمعنى آخر يوجد ميلادان لكل فوتون.

فضلا عن ذلك يمكن استعمال الشكل الدقيق لأهداب التداخل في معرفة الفرق بين الميكانيك الكمومي وبين أية نظرية متحولات خفية محلية يمكن تصورها (والتي يمكن أن يلد كل فوتون فيها بطاقة محددة أو أن يعرف مسبقا البوابة التي سوف يخرج منها). فبموجب المتطلبات التي استنبطها بل، لا يمكن لأية نظرية متحولات خفية أن تَتنبأ بالأهداب الجيبية التي تظهر تبيانا يزيد على%71، هذا يعني أن للفرق في الشدة بين المناطق المضيئة والمظلمة حدا معينا، في حين تظهر معطياتنا أهدابا بتباين يقارب %90. وإذا ما أضفنا بعض الافتراضات المعقولة يمكننا أن نستنتج من المعطيات السابقة أن الصورة الواقعية المحلية الحدثية التي اقترحها آينشتاين وزملاؤه خاطئة، إذ يستحيل شرح النتائج المرصودة من دون الاعتراف بأن حصيلة القياس في الجانب الأيسر مثلا تعتمد لاموضعيا على نتيجة القياس في الجانب الأيمن.

إذًا هل نظرية آينشتاين في النسبية واقعة في خطر؟ والجواب المدهش هو كلا؛ إذ لا توجد طريقة لاستعمال الترابطات بين الجسيمات كي نرسل إشارة تسير بأسرع من الضوء؛ ذلك لأن خروج الفوتونات من الأعلى أو من الأسفل، ظاهرة عشوائية. ونحن لا نحصل على ترابطات لاموضعية إلا عندما نقارن فيما بين تسجيلات عد عشوائية، مما يتطلب أن توجد هذه المعطيات كلها تحت تصرفنا. وبذلك تسلم مبادئ السببية من الانتهاك.

ولكن قد يحزن المغرمون بقصص الخيال العلمي عند معرفتهم أن الاتصالات بسرعة أكبر من سرعة الضوء ما زالت تبدو مستحيلة الحدوث. ولكن العديد من الباحثين بذلوا قصارى جهدهم في هذا الموضوع. وقد اقترحوا استعمال عشوائية الترابطات في عمل مخططات أرخص ثمنا. فالكودات codes التي تعطيها منظومات التعمية الكمومية quantum cryptography تبدو مستحيلة الفك تماما. [انظر: "التعمية الكمومية"، مجلة العلوم، العدد 5 / 6 (1993)، ص 48].

وهكذا نكون قد رأينا اللاموضعية في ثلاثة أمثلة مختلفة. كان الأول في عملية المروق النفقي، إذ يستطيع الفوتون الإحساس بالجانب الآخر من الحاجز، ويستطيع عبور الحاجز في القدر نفسه من الزمن مهما كانت ثخانة هذا الأخير. والثاني في تجارب التوقيت العالي الميز، إذ إن التعويض عن التبديد يعتمد على كل واحد من الفوتونين المنتقلين في كلا المسارين بالمقياس الداخلي. وأخيرا تأكدنا، في التجربة الأخيرة المعروضة، من وجود ترابط لاموضعي لطاقة وزمن إصدار فوتونين بوساطة السلوك المقرون للفوتونين المغادرين للمقياسين التداخليين. وعلى الرغم من كون الفوتونين مفصولين بعدة أقدام في تجربتنا، فإن الميكانيك الكمومي يتنبأ بأننا كنا سنلحظ الترابطات مهما كانت المسافة بين المقياسين التداخليين.

وبمعنى ما، يمكننا القول بأن الطبيعة كانت ماهرة في تجنب أي تناقض مع مبدأ السببية، إذ لا توجد أية طريقة تتيح استغلال المفعولات المذكورة آنفا لإرسال إشارات أسرع من الضوء. وهكذا يتضح أن التعايش الصعب بين النسبية (وهي نظرية موضعية) وبين الميكانيك الكمومي (اللاموضعي) قد تغلب على أزمة جديدة.


المؤلفون
Y. Chiao – P. G. Kwiat – A.M. Steinberg
استخدم مؤلفو المقال الضوء اللاخطي لدراسة العديد من السمات الأساسية للميكانيك الكمومي، وخصوصا التداخل واللاموضعية ومفعول النفق . درس شياو في جامعة برنستون تحت إشراف <A. ويلر> في مجال استكمام الثقالة. وبالرغم من إخفاقه في هذه المهمة الضخمة فقد نال الإجازة في الفيزياء عام 1961 ثم نال الدكتوراه من معهد ماساشوستس للتقانة بإشراف <C. تاونس>، وأصبح منذ عام 1967 أستاذا للفيزياء في جامعة كاليفورنيا (بركلي). وهو الآن عضو في الجمعية الأمريكية للفيزياء. يوصف شياو من قبل طلابه بأنه مثل عازف البيانو الماهر في تلافيه للأخطاء التجريبية. أما كويات فهو زميل في دراسات ما بعد الدكتوراه في مجال الضوء الكمومي في جامعة إينسبروك، نال الإجازة في الفيزياء من معهد ماساشوستس للتقانة عام 1987 ونال الدكتوراه بعد إشراف شياو مؤخرا، وهو متوجه أيضا لمزاولة الأيكيدو (أحد الفنون العسكرية اليابانية). نال ستاينبرگ إجازة في الفيزياء من جامعة يال عام 1988، ثم عمل في دار المعلمين العليا في باريس لمدة سنة قبل أن يصبح تلميذ شياو في مرحلة الدكتوراه، وهويقضي معظم وقته في الفيزياء مع أنه يتمنى الحصول على بعض الفراغ ليقضيه في التزلج على الجليد.