شركة انجاز لتصميم وتطوير المواقع الإلكترونية

صفحة 6 من 12 الأولىالأولى ... 45678 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 36 إلى 42 من 78

الموضوع: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

  1. #36
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    اتجاهات في الفيزياء النظرية
    تفسير كل شيء
    <M. موكرجي>
    تناظر جديد، مثنوي، في الفيزياء النظرية يغير طريقة تفكير
    الفيزيائيين بخصوص الجسيمات الأساسية ـ أو الأوتار.
    وهو أيضا يقودنا نحو «نظرية كل شيء».
    عندما يُفحص الوتر العنصري (الأولي) عن كثب، يتبين أنه شيء مركَّب شديد التعقيد ومنسوج من الجسيمات والأوتار نفسها التي تنبثق منه.


    نسيم خفيف يحرك الهواء الساخن تحت الخيمة جالبا معه بعض الارتياح لرجال العلم الجالسين في ظلها. وتقول السيدة <R. كالوش> (من جامعة ستانفورد) وهي تكتب معادلات على اللوح الأسود: أريد لثقالتي القانونيةcanonical gravity ذات الأبعاد الأربعة أن تكون واحدة في اللانهاية. ويطرح <A .J. هارڤي> (من جامعة شيكاگو) السؤال التالي:

    «ماذا يعني أن تكون ثقوبك السوداء عديمة الكتلة؟ وهل تتحرك بسرعة الضوء؟» وينبري <T .G. هوروويتْز> (من جامعة كاليفورنيا) ليجيب: «إنها لا تملك شيئا، ليس لها اندفاع momentum
    ويحتج هارڤي قائلا: «ليس لها طاقة ولا اندفاع ـ لا شيء هناك!»
    وهذه واحدة من المجادلات العديدة التي كانت تنشب بين الفيزيائيين النظريين المجتمعين في مركز أسبين للفيزياء بكولورادو روكيز. وفي هذه المرة كان الجو مفعما بانفعال يندر مثيله. كان الفيزيائيون النظريون يعتقدون بأن نظرية كل شيء Theory of Everything TOE هي قاب قوسين أو أدنى.

    ووفقا للخيال الجامح، ستكون «نظرية كل شيء» عندما يتم بلوغها ـ بسيطة لدرجة أن تُكتب بشكل معادلة واحدة يمكن حلها. وسيقود حلها إلى أوصاف عالم هو عالمنا من دون ريب، أي بأبعاد مكانية ثلاثة وبُعْد زمني واحد؛ وفيه كواركات وإلكترونات وجسيمات أخرى صُنعت منها الكراسي والغربان والنجوم، وبقوى ثقالية ونووية وكهرمغنطيسية تجعل هذا الكون متماسكا بمجمله، بما في ذلك الانفجار الأعظم الذي انبثق منه كل شيء. وستتجلى المقولات الأساسية في الفيزياء ـ بما فيها الميكانيك الكمومي ونظرية آينشتاين في الثقالة ـ كمبادئ مترابطة بشكل وثيق. وبهذا الصدد يتنبأ <E. ويتن> (من معهد الدراسات المتقدمة في برنستون) بأن «مفاهيم الفيزياء كما نعرفها اليوم ستتغير تماما عندما نكتشف القصة.»

    لقد انتعشت أيضا آمال كبيرة منذ عقد من السنين حين حظيت النظرية الوترية string theory باستقبال لطيف كنظرية مؤهَّلة لأن تكون نظرية كل شيء. لقد ابتدع بعض الفيزيائيين النظرية الوترية من فكرة أن الكائن الأكثر أساسية في هذا الكون هو وتر صغير لدرجة لا يمكن تصورها. وقد قالوا إن تموجات أوتار من هذا القبيل تولِّد كل الجسيمات والقوى في هذا الكون. ويبلغ طول حلقات الوتر، أو قِطَعه، قرابة 33-10 سنتيمتر، وهي تهتز بأساليب عديدة متخالفة، كما يفعل وتر الكمان. ولكل نمط اهتزازي طاقة، أو كتلة، معينة ويمكن اعتباره جسيما بموجب قوانين الميكانيك الكمومي. ولكن سرعان ما صادفت النظرية الوترية عقبات رياضياتية فتشعبت إلى خمس نظريات متنافسة. ويعلق <A. سترومِنْگِر> (من جامعة كاليفورنيا) على هذا التشعب متهكما: «ليس من الجمال في شيء أن يكون لديك خمس نظريات موحِّدة.» والأسوأ من ذلك أن لهذه النظريات آلاف الحلول وأن معظم هذه الحلول لا تشبه عالمنا بتاتا. وعندما طُلب عام 1986 إلى <L .S. گلاشو> (وهو خبير مخضرم من جامعة هارڤارد) أن يوجز نظرية كل شيء بكلمات لا يزيد عددها على سبع، أجاب بدعابة متأسفا: «آه، يا إلهي، لماذا تخليت عني؟»

    يبدو أن الله قد استجاب له. فقد ظهر تناظر جديد خاص، يسمى مثنوية duality، جعل كل الأوتار المتخالفة تلتف بعضا على بعض. والواقع إن المثنوية تحدد من جديد ما كان يعتبره الفيزيائيون جسيما أساسيا fundamentalparticleـ أو وتراstring . فالأشياء العنصرية (الأولية) elementary تبدو اليوم مصنوعة من الجسيمات نفسها التي تتولد منها. ويعتقد ويتن أن المثنوية لا تقود إلى نظرية كل شيء فحسب، ولكنها أيضا قد توضح لماذا كان العالم كما هو فعلا. ويقول بهذا الخصوص: «أعتقد أننا نتجه نحو تفسير للميكانيك الكمومي.» وقد نُقل عن نقاد هذا التيار النظري قولهم إن الرياضيات الوترية معقدة لدرجة أنها خلَّفت وراءها معظم الفيزيائيين والرياضياتيين.

    وفي الوقت نفسه راح العالَم، تبعا لفكرة المثنوية، يصير أكثر غرابة. فالأوتار تتحول فيه بسهولة إلى ثقوب سوداء، والعكس بالعكس؛ وانبثقت أبعاد جديدة في مجالات شتى؛ ولم تقتصر هذه الظاهرة على الأوتار، بل إن الفقاعات وسواها من الأغشية قد طواها الخفاء في طرق جانبية من هذا الكون. ويعتقد الباحثون أن مجموعة الروابط تتجه نحو كينونة أعمق ـ ربما نظرية كل شيء ـ تفسرها كلها. ويقول <J .M. دوف> (من جامعة تكساس) بهذا الصدد: «إن هذا يشبه أشجار الحَوْر aspen» ملوحا بيده إلى موضع قريب. «فثمة شبكة جذور منتشرة تحت الأرض؛ ولا نرى سوى النتف الصغيرة التي برزت فوق سطح الأرض.»

    تناظر جديد
    إن لكلمة متثاني dual ـ التي حلت سريعا محل كلمة فائق super كأكثر الكلمات شيوعا في نظرية الجسيماتparticle theory ـ عدة مدلولات متخالفة لدى الفيزيائيين. ويقال عموما عن نظريتين إنهما متثانيتان إذا كانتا في الظاهر غير متناظرتين على الرغم من أنهما تقودان إلى نبوءات فيزيائية متطابقة. وإليك مثالا على ذلك: إذا بادلنا، في معادلات مكسويل الكهرمغنطيسية، بين الحقل الكهربائي والحقل المغنطيسي، نحصل على نظرية مختلفة تماما، ولكن إذا افترضنا أن الكون يحوي، إضافة إلى الشحنات الكهربائية، شحنات مغنطيسية (أي جسيمات ذات قطب مغنطيسي واحد من أحد النوعين: الشمالي والجنوبي)، فإن النظريتين تصبحان متطابقتين تماما ـ أو متثانيتين.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.jpg[/IMG]
    يمكن إحداث أنساق مختلفة من الاهتزاز في أي وتر. ويتيح الميكانيك الكمومي تفسير الموجات على أنها جسيمات. وإذا كانت عروات وتر طوله نحو-33 10 سنتيمتر هي مكونات أساسية للمادة، عندئذ تكون طاقاتها الاهتزازية هي كتل الجسيمات العنصرية (الأولية)، كالإلكترونات والكواركات والفوتونات.


    وبتحديد أكثر نقول إن المثنوية تجعل الأشياء العنصرية والمركبة قابلة للمبادلة، بمعنى أن اعتبار الجسيم، أو أية كينونة أخرى، شيئا أساسيا بحتا أو شيئا مصنوعا من كينونات أساسيةٍ أكثَر منه أمرٌ يتعلق بوجهة نظرك، لكنك في كلتا الحالتين تحصل في النهاية على نتائج فيزيائية واحدة.

    كانت أولى إشارات المثنوية قد ظهرت حين عمل الفيزيائيون على نظريات الحقل الكمومية، أي النظريات التي تصف الجسيمات بأنها أمواج ميكانيكية-كمومية تنتشر في الزمكان space-time. ففي النظرية الحقلية المعروفة باسم الكروموديناميك الكمومي quantum chromodynamics تُعتبر الكواركات جسيمات عنصرية (أولية)elementary particles ذات شحنة من نوع يشبه كثيرا الشحنة الكهربائية، وتسمى لونا color. واللون يجعل الكواركات تتجاذب فيما بينها تجاذبا شديدا جدا فتتجمع أزواجا أو ثُلاثيات لتشكل جسيمات مركبة: كالپروتونات.

    وكما لا توجد في الكون العادي جسيمات ذات شحنة مغنطيسية، كذلك لا توجد جسيمات ذات شحنة مغنطيسية لونية. لكن <G. هوفت> (من جامعة أُترخت في هولندا) و <A. پولياكوڤ> (من معهد لانداو قرب موسكو) بيَّنا عام 1974 كيف يمكن لهذه الحقول أن تتكور بشكل عقد صغيرة ذات شحنة مغنطيسية لونية. ويطلق على أمثال هذه التجمعات ـ التي يتصورها الفيزيائيون ككرات صغيرة قنفذية الشكل مجهزة بأسهم تُمَثِّل متجهاتvectors رياضياتية ـ اسم السوليتونات(1)، وهي تتصرف كجسيمات. وهكذا نرى أن نظرية الكواركات التي تتمتع بشحنة كهربائية لونية يمكن أن تعني أيضا وجود سوليتونات ذات شحنة مغنطيسية لونية معروفة أيضا باسم وحيدات القطب (المغنطيسي) monopoles. فوحيدات القطب إذًا جسيمات مركبة، لأنها مشتقة من الحقول أو من كواركات أكثَر أساسيةٍ منها.

    وفي عام 1977 كان <D. أولايف> و <C. مونتونين>، اللذان يعملان في المركز سيرن (CERN) قرب جنيف، يريان أن النظريات الحقلية التي تتناول الألوان يمكن أن تكون مثنوية. أي إننا، بدلا من أن نعتبر الكواركات جسيمات عنصرية (أولية) ووحيدات القطب جسيمات مركبة، قد نستطيع أن نعتبر وحيدات القطب جسيمات عنصرية. وعندئذ يستطيع المرء أن ينطلق من نظرية حقلية في التفاعل بين وحيدات القطب ليجد أنها قادت إلى سوليتونات تبدو كالكواركات. وهذا يعني أن تناول النظرية، من زاوية الكوارك أو من زاوية وحيد القطب، يقود في كلتا الحالتين إلى نتائج فيزيائية واحدة.

    كان معظم النظريين يشكّون في هذا الأمر؛ إذ كان يُظن أن البرهان على المثنوية مستحيل، حتى ولو كانت موجودة فعلا: فرياضيات الكروموديناميك الكمومي صعبة للغاية، وقد يستلزم البرهان على المثنوية حساب مجموعتين من النبوءات للمقارنة بينهما. وبهذا الصدد يقول <N. سايبرگ> (من جامعة روتجرز): «من النادر جدا في الفيزياء أن تحسب شيئا بالضبط.» لكن <A. سين> (من معهد تاتا في بومبي بالهند)، برهن في الشهر 2/1994 على أنه يمكن أحيانا اختبار نبوءات المثنوية اختبارا دقيقا ـ وكانت هذه النبوءات صحيحة.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG]
    تُمكّنُ المثنوية، وهي نوع من التناظر، من النظر إلى الكيانات المركبة على أنها مكافئة للجسيمات العنصرية (الأولية)، والعكس بالعكس. فللكوارك (أعلى اليسار)، مثلا، نوع من الشحنة يسمى لونا (الأحمر). وتولِّد الشحنات في أثناء حركتها حقولا مغنطيسية، وعلى غرار ذلك، تولِّد الكواركات حقولا مغنطيسية لونية (الأزرق). ويمكن لعدة كواركات أن تنضم معا لتشكل شيئا مركبا له شحنة مغنطيسية لونية يسمى وحيد القطب monopole (أعلى اليمين). لكن وحيد القطب يمكن أن يُعتبر جسيما عنصريا (أوليًا) وذلك بفضل المثنوية (أسفل اليمين). ويمكن لوحيدات القطب بدورها أن تتكتل لتشكل كواركات ـ وهذه هي الآن أشياء مركبة (أسفل اليسار). وهنا تمثل الأسهم السوداء خواص الجسيمات التي هي متجهات، كالاندفاع (كمية الحركة) الزاوي angular momentum.


    لقد أقنع الحساب الفيزيائيين. وبهذا الصدد يقول هارڤي ضاحكا: «لقد تحول ويتن من قوله بأن ذلك مضيعة للوقت إلى القول بأنه أهم ما يجب العمل فيه.» كان ويتن، الذي غالبا ما دعاه خصوم النظرية الوترية باسم «الحَبْر»the Pope، رائد العديد من الأفكار في فيزياء الجسيمات خلال العقدين الأخيرين.

    وفي أثناء ذلك كان سايبرگ يطور في جامعة روتجرز طريقة حسابية قصيرة تساعد كثيرا في الحسابات اللازمة لدراسة الكروموديناميك الكمومي. كان هذا العمل يعتمد على التناظر الفائق supersymmetry. وهذا التناظر فكرة تقول إن كل نوع من الجسيمات يكوّن مادة، ولا بد من وجود جسيم ذي صلة (جسيم نديد) ينقل القوة، والعكس بالعكس. ومع أن هذا التناظر الفائق لم يُكْتشف بعد في الطبيعة(2)، نجد أن النظريين كثيرا ما يلمّحون إلى قدراته.

    فباستخدام التناظر الفائق كإطار للتفاعل بين الجسيمات استطاع سايبرگ أن يبيِّن كيف يمكن إجراء حسابات كان يستحيل إجراؤها في الكروموديناميك الكمومي. كما توصل، بالاشتراك مع ويتن، إلى البرهان على أن نُسَخَ الكروموديناميك الكمومي المنطوية على تناظر فائق نسخٌ متثانية.

    إن لهذا الاستخدام للتناظر الفائق فائدة فورية مذهلة؛ إذ إن من الصعب إجراء حسابات الكروموديناميك الكمومي لأن الكواركات تتفاعل interact، أو تقترن couple، بالقوة الشديدة. لكن وحيدات القطب تتفاعل بالقوة الضعيفة، ومن السهل إجراء الحسابات في حال وحيدات القطب. فالمثنوية تتيح للنظريين إذًا أن يتعاملوا مع وحيدات القطب ـ وأن يعرفوا تلقائيا كيف يجيبون عن الأسئلة المطروحة في الكروموديناميك الكمومي. وبهذا الصدد يقول هارڤي: «إن ذلك ضرب من الحيل السحرية، ولا نفهم حتى الآن لماذا يجب أن يكون فعالا.» وبفضل سلاح المثنوية توصل سايبرگ و ويتن إلى أن يعرفا بالحساب التفصيلي سبب استحالة رؤية كواركات حرة في الطبيعة، مما يؤكد آليةً اقترحها في السبعينات كل من هوفت و <S. ماندلستوم> (من جامعة كاليفورنيا في بيركلي).

    من الواضح أن صحة هذا العمل كله تعتمد على افتراض أن التناظر الفائق شيء حقيقي. لكن سايبرگ مازال يأمل بأنه في نهاية الأمر ستظل المثنوية قائمة حتى في غياب تناظر فائق، بحيث إن «النتائج الوصفية ستكون صحيحة ولو كانت النتائج الكمية منوطة بالتناظر الفائق.»

    وعلى كل حال فإن المثنوية أكثر بكثير من أن تكون مجرد وسيلة حسابية: إنها طريقة جديدة في النظرة إلى الكون، أو، كما يقول هارڤي: «شيء يؤدي إلى الاعتقاد بأن المُركَّب أصبح أساسيا،» والعكس بالعكس. وهذا لدرجة أن سايبرگ، المحافظ بطبيعته، لم يستطع أن يقاوم فكرة أن الكواركات قد تكون سوليتونات، أي متثانيات لجسيمات أخرى أساسية حقا وأصغر من الكواركات.

    توتير الأوتار معا
    ربما كان مفهوم المثنوية قد نشأ عن نظريات حقلية، لكن «المثنوية طبيعية جدا في النظرية الوترية،» كما يقول سين. وهي أيضا ذات وجوه أكثر عددا مما في النظريات الحقلية. ففي إطارها يمكن توحيد أوتار من شتى الأنواع، أوتار موجودة في أبعاد شتى وفي زمكانات من أشكال شتى. وكل هذه المزايا تتيح للنظرية الوترية أن تتجاوز حدودها وأن تسمو إلى مكانة «نظرية كل شيء».

    كانت النظرية الوترية في أول نشأتها قد أخفقت في أن تكون نظرية موحِّدة، وذلك لكثرة أنواع الأوتار المطروحة، وكذلك للإرباك الناجم عن تعدد الأجوبة التي تعطيها. وهذه الكثرة نابعة من خاصية أخرى للنظرية الوترية ـ إنها متماسكة فقط في حال أوتار تسكن زمكانا space-timeذا عشرة أبعاد. ومن المعلوم أن العالم الواقعي ذو أربعة أبعاد: ثلاثة مكانية وواحد زمني. وتفترض النظريةُ أن الأبعاد الستة الإضافية ملتفة على نفسها بشدة كبيرة تحول دون اكتشافها من قِبل الكائنات الكبيرة كالإنسان ـ أو حتى الكواركات. وبهذا الصدد يقترح <R .B. گرين> (من جامعة كورنيل) التشبيه التالي: «تصور أنبوب سقاية الحدائق. إنه يبدو، من بعيد، خطًّا ذا بعد واحد. ولكنك عندما تنظر إليه عن كثب ترى أنه في الواقع سطح ذو بعدين أحدهما ملتف على نفسه.»

    ومن سوء حظ النظريين الوتريين أن الأبعاد الستة الإضافية يمكن أن تلتف على نفسها بطرق عديدة جدا: «عشرات الآلاف، حسب التقدير الرسمي،» كما يقول سترومنگر ساخرًا. وكل واحد من هذه الفضاءات المتكورة يقود إلى حل للنظرية الوترية مختلف عن سواه، حل يرسم صورته الخاصة للكون ذي الأبعاد الأربعة، وهذا ليس هو بالضبط الحل المراد من نظرية كل شيء.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.jpg[/IMG]
    يمكن تخفيض عدد أبعاد فضاء ما وذلك بلصق طرفيه معا ثم بتقليصه. ونشاهد ملاءة من المطاط ذات بعدين لُفّت أولا بشكل أسطوانة، ثم تقلص البعد الملفوف. وعندما تصبح الأسطوانة رقيقة كفاية، فإنها تبدو بشكل خط (ذي بعد واحد). ثم، إذا لففنا طول هذا «الأنبوب» على نفسه ولصقنا أحد طرفيه بالآخر، نحصل على شكل كعكة doughnut. ويمكن لقطر هذه الكعكة أن يتقلص حتى تبلغ شكل النقطة ـ فضاء عديم الأبعاد. ومثل هذه التغيرات يمكن أن توضح سبب كون البعد الإضافي للزمكان، الذي تقول النظرية الوترية بوجوده، صغيرا جدا لدرجة أنه لا يمكن اكتشافه.


    لقد اكتُشف في أواخر الثمانينات مثنوية، اسمها التناظر المرآتي mirror symmetry، تساعد على التقليل من شأن هذه المسألة وذلك بدمج بعض من الحلول المتاحة معا. فتبيَّن من التناظر المرآتي أن الأوتار في فضاءين ملتفين مختلفين تقود أحيانا إلى الجسيمات نفسها. فإذا أصبح، مثلا، أحد الأبعاد صغيرا جدا، عندئذ يكون بمقدور الوتر الملتف حول هذا البعد ـ على شاكلة عصابة المطاط حول محور أنبوب السقاية ـ أن يكوّن الجسيمات نفسها وكأنها وتر يلف حول بُعد «مسطح» fat.

    إن الحجم الذي يتقلص إليه أحد الأبعاد يشبه وسيطا parameter آخر في النظرية الوترية: شدة التفاعل بين جسيمين. ففي عام 1990 اقترح فريق من الباحثين في المركز سيرن، أن شيئا كالتناظر المرآتي موجود أيضا في اقتران الشدّات. وكما يمكن بالضبط للفضاءات الواسعة أن تكون محكومة بالفيزياء نفسها التي تحكم الفضاءات الصغيرة، فإنه يمكن للنظرية الوترية ذات الاقتران الكبير أن تعطي النتائج نفسها التي تعطيها نظرية أخرى ذات اقتران صغير.

    إن هذا التكهن يربط فيما بين النظريات الوترية كما تفعل المثنوية تماما في نظرية حقلية. زد على ذلك أن الأوتار، إذا نُظر إليها من موقع بعيد، تشبه الجسيمات، مما يعني أن المثنوية في نظرية وترية تدل ضمنيا على مثنوية في نظرية حقلية، والعكس بالعكس. وفي كل الاختبارات التي أُجريت على المثنوية، في النظريتين، كانت النتيجة ناجحة جدا، مما ساعد على تقريب إحداهما من الأخرى.

    وفي غضون ذلك كانت المثنوية تنبثق أيضا من مجال آخر مختلف تماما، هو الثقالة الفائقة supergravity. وهذه النظرية الموحِّدة كانت عبارة عن محاولة لتوسيع نظرية آينشتاين الثقالية كي تشمل التناظر الفائق. (بخلاف ذلك، كانت النظرية الوترية تحاول تعديل نظرية جسيمية بهدف إدخال الثقالة فيها.) ففي عام 1986 استطاع دَفّDuff، (وكان حينذاك في إمبريال كوليج بلندن)، أن يستنتج صورة للثقالة الفائقة تنطوي على اهتزازات شيء جديد جدا وأساسي، اسمه فقاعة bubble. وفي حين كانت الأوتار تهتز في عشرة أبعاد، كانت هذه الفقاعة تسبح في 11 بعدا.

    ويتذكر دَفّ أن «الأغلبية العظمى من الوتريين لم تكن الأقل اهتماما بذلك»، وهذا على الأرجح لأن ما من أحد يعرف كيف يُجري الحسابات مع هذه الفقاعة. ولكن دَفّ مازال يتابع عمله في نظريات شتى تتناول الأغشية المغلقة. وقد وُجِد أن بإمكان غشاء ذي خمسة أبعاد يتحرك في فضاء ذي عشرة أبعاد أن يُستخدم كتوصيف بديل لنظرية وترية.

    وبإمكان «الغشاء الخماسي» الأبعاد أن يلتف حول فضاء داخلي ملتف، كما يلتف الجلد حول السجق. ولكن إذا تقلص هذا الفضاء الداخلي حتى يتلاشى، فإن الفقاعة تنتهي إلى ما يشبه الوتر. وقد اقترح دَفّ أن هذا الوتر الملتف convoluted لا يختلف في واقع الأمر عن أوتار النظرية الوترية، مما يُثبّت وجود مثنوية «وترية ـ وترية». وفي الوقت نفسه كان <M .C. هول> (من كلية كوين ماري بلندن) و <K .P. تاونسند> (من جامعة كامبردج) يتكهنان بعدة تعميمات للمثنوية في نظرية وترية. ويقول دَفّ: «لكن لم يولِ أي من الفريقين اهتماما كبيرا بما نشره الفريق الآخر حول هذا الموضوع.»

    تكاثر المثنويات
    لقد ظل الأمر هكذا حتى الشهر 3/1995 حين بلغت هذه الموضوعات ذروتها في مؤتمر عُقِد حينذاك في جامعة ساوث كاليفورنيا. وكان ويتن أول المتكلمين في هذا الموضوع، فأورد برهانا على المثنوية مستمدا من مجالات شتى. وبيَّن أن هول وتاونسند ودَفّ كانوا يتكلمون كلهم عن فكرة واحدة، وذهب إلى التكهن بأن فقاعات دَفّ في 11 بعدا هي سوليتونات وتر معين في 10 أبعاد. وبعد «ويتن» تكلم سايبرگ معربا عن إعجابه بحديث «ويتن».

    ثم تلا ذلك نشاط علمي انفجاري واستمر من دون هوادة. فراح العلميون يُهرعون كل يوم إلى مكتبة المطبوعات الإلكترونية في مختبر لوس ألاموس الوطني ليجدوا قرابة عشر نشرات جديدة في هذا الميدان. وتعليقا على ذلك تقول<A. سيريزول> (من مدرسة الپوليتكنيك في تورينز): «كان ذلك أول شيء تفعله في الصباح، مثل قراءة الجريدة.» كان البرهان على المثنوية يأتي طريفا ومتنوعا ليربط بين الأوتار والفقاعات وبين السوليتونات من كل شكل ونوع.

    لقد تبين أن أحد السوليتونات، الذي يشبه يسروعا(3) ذا شعر كالأسهم تتجه نحو الخارج على طول خط، يشكل مثنوية وتر أساسي. (وهو يشبه أيضا وترًا كونيا، وهذا بدعة في الكوسمولوجيا (علم الكون) ابتكرها ويتن منذ عشر سنين.) ثم تبيَّن أن أنواعا شتى من الأوتار المبتكرة في العالم الواقعي ـ بأربعة أبعاد ـ مثنوية هي الأخرى. «كانت الأمور متفقة فيما بينها على الرغم من حدوثها بأسباب متخالفة،» حسب قول سايبرگ الذي أضاف: «إنه شيء يشبه السحر.»

    العصور الوسطى
    إن انبعاث النظرية الوترية فريد من جانب واحد ألا وهو أعمار العلميين العاملين فيها. والفيزيائيون، كمصممي الأزياء، يميلون إلى الاعتقاد بأنهم يبلغون قمة إبداعهم في سن ال25. وبهذا الصدد يقول <J .M. دَف> (من جامعة تكساس): «الرياضيات والفيزياء أهداف الشبان.» ولكن هذه الثورة في نظرية الجسيمات، بخلاف ما سبقها من ثورات في الفيزياء، يقودها علميون هم في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات من أعمارهم.
    قد يكون السبب في ذلك الكثرة الكثيرة من المواضيع ـ نظرية الحقل، التناظر الفائق، الثقالة، السوليتونات، والطوبولوجيا ـ التي يجب على الباحثين تناولها إضافة إلى النظرية الوترية. وكما يقول <A .J. هارڤي>، من جامعة شيكاگو، فإن «من الصعب على الشبان أن يهيمنوا على كل هذه المجالات بسرعة كبيرة تكفي للإسهام فيها.» ومعظم قادة هذا الانبعاث هم أولئك الذين نهضوا بالنظرية في ثمانينات هذا القرن ـ وهم الآن قد شاخوا عشر سنوات.
    وقد تثبتوا في وظائف جامعية منذ عشر سنوات. لكن عددا قليلا من الطلبة الذين تدربوا حينذاك على النظرية الوترية فعلوا ذلك عبر الطريقة المعهودة. «كان الميدان غاصا بمن فيه،» كما يقول دَفّ، «وكان هناك ردّ فعل معاد.» وقد انخفض تمويل العلم انخفاضا حادا، مما حرم معظم الفيزيائيين الشبان من الحصول على عمل.
    والذين تدبَّروا أمرهم للاستمرار كانوا خاضعين لضغط شديد كي ينشروا بحوثا، مما كان يثقل كاهل الإبداع. «لكن الشبان»، كما يقول هارڤي، «لا يستطيعون التقدم سريعا من تلقاء أنفسهم. وإذا لم يفعلوا شيئا يستفيد منه كل الآخرين، فلن يستطيعوا الحصول على عمل آخر.» ويجاريه سسكند (من جامعة ستانفورد) قائلا: «إن نظام ما بعد الدكتوراه لا يترك إلا القليل من الوقت للتفكير.» وكان هناك بضعة طلبة جدد ـ لا يرون مستقبلا في مجالهم.

    وفي الوقت نفسه، يبدو أن جيلا من الفيزيائيين مختلفا كليا ـ الشيوخ المشهورين ـ قد أُقصي عن الواجهة. فـ <R .S. كولمان> مثلا (من جامعة هارڤارد) رفض التعليق على التطورات الجديدة قائلا «في سنِّي تميل إلى قول كلام لا يؤبه له. وأُفضِّل ألا أقوله.» كما أن زميله في جامعة هارڤارد <L.S. گلاشو>، والذي مازالت تعليقاته اللاذعة تعتمل في صدر بعض النظريين الوتريين لم ينتبه بتاتا إلى أن شيئا قد تغير.
    أما سسكند، الذي يتوسط الجيلين (إذ يبلغ عمره 55 عاما) فينظر إلى هذا التحول بعين التفاؤل قائلا: «إنها لبادرة طيبة أن هناك جيلا في مرحلة التوقف عن البحث في هذا الحقل. فهذا يعني أن الحقل يتحرك باتجاهات ليس بمقدور الأسلاف اتباعها،» إلا أنه يتذمر من أن الذين في سن الأربعين، هم عاديون فوق الحد كي يكونوا جديرين بالاهتمام وذلك على الرغم من براعتهم المؤكدة. والواقع إن الأفراد المحبِّذين للنظرية الوترية والمنسجمين معها، في ورشة العمل في أسپِن Aspenبكولورادو (الصور الفوتوغرافية)، يبدون أبعد ما يكون عن أولئك الذين نعتهم <P .R. فاينمان> في السنة الماضية بأنهم نوابغ متغطرسون وغريبو الأطوار.
    لكن<N. سايبرگ> (من جامعة روتجرز) تنبأ قائلا: «إننا لا بد من أن نحشر في حيّز ضيق حين تظهر الأشياء اللامعة الجديدة من الجيل الجديد.» وهم سيتغلبون، إذ مهما كانت التغيرات، فإن من غير المستطاع مقاومة الاعتقاد الراسخ بسحر الشباب.




    وهناك سبب يدفع بحماس شديد إلى اقتناص المثنويات. فهناك، حسب قول سين، «عدة نظريات وترية غير واقعية. ولا بد من أن نفهمها كلها كي نكتشف النظرية الواقعية.» والمثنوية ذات فائدة في إيجاد رابطة بين الخيارات، وبالتالي في إنقاص عددها. ويعتقد ويتن أن النظريات الخمس الوترية التي تحوي عشرة أبعاد، وهي السائدة الآن، سيتبين أنها جميعا انعكاسات لوتر كمومي نهائي فائق.

    حتى إن دَفّ اقترح فكرة مثنوية المثنويات duality of dualities ـ بمعنى أن المثنوية بين الفضاءات، والمثنوية بين الأشياء العنصرية والأشياء المركبة، قد تكونان مترابطتين. فمن ضمن معظم النبوءات المتميزة لهذه الفكرة نبوءة تقول بأن اتساع الفضاء الملتف يؤثر في شدة التفاعل بين الجسيمات، والعكس بالعكس. فإذا كان أحد الأبعاد الداخلية كبيرا، يمكن للاقتران بين الجسيمات أن يكون كبيرا أيضا.

    وفيما عدا ذلك يقول سسكند شارحا: «قد يتغير اتساع البعد الداخلي وأنت تذهب من مكان لآخر.» فإذا انتفخ أحد الأبعاد الملتفة، في مكان ناء من هذا الكون، فإن الزمكان يكتسب بُعدًا خامسا جديدا؛ وحيث يتقلص بشدة، كما في جوارنا المباشر، تظهر المفعولات الكمومية. والواقع إن السلَّم الأساسي الذي يعمل فيه الميكانيك الكمومي، سلَّمَ ثابتة پلانكPlanck’s constant ، محبوك حبكا وثيقا مع المثنوية؛ فالمثنوية تربط، مثلا، بين كتلة جسيم أو وتر، وبين كتلة مثانيه. وبهذا الصدد يقول<A .S. شنكر> (من روتجرز): «إن أكثر ما يغريني بقبول هذه الفكرة هو أن النظرية الوترية يمكن أن تعلمنا أشياء عن الميكانيك الكمومي.»

    «كل شيء يحدث، الأبعاد تتغير فجأة، أبعاد الأشياء الأساسية متغيرة، ملتفة على نفسها،» هذا ما يقوله دَفّ وهو يهز رأسه في تعجب. إن الاقتراح الآخر الذي أتى به تاونسند هو نوع من «الديمقراطية» ـ إن الأغشية تنتفخ، كما يمكن لسوليتونات النظرية الوترية أن تكون كلها أشياء أساسية لها المكانة نفسها التي للأوتار. ولكن لايزال على هذه الفكرة أن تنتشر بين الأمريكيين الذين يلحون على أن الحسابات مع الأغشية لاتزال عديمة المعنى.

    الثقوب السوداء
    كأن ذلك لم يكن كافيا. فقد ظهرت في الشهر 4/1995 علاقة بين الأوتار والثقوب السوداء ـ علاقة واعدة بتجاوز صعوبة كبيرة تعترض النظرية الوترية. فقد اكتشف سترومنگر وگرين و<R .D. موريسون> (من جامعة ديوك) أن الثقوب السوداء ربما تساعد على ربط آلاف من عشرات آلاف الحلول للنظرية الوترية في شبكة معقدة. والروابط تسهل مسألة إيجاد الحل «الصحيح» للنظرية الوترية ـ الحل الذي يعطي أوصاف الكون الذي نعيش فيه.

    كانت الثقوب السوداء قابعة، بمعنى ما، عند حدود النظرية الوترية منذ بدايتها. والثقوب السوداء تتشكل من جراء ارتصاص كتلة كبيرة من المادة تحت وطأة تجاذبها التثاقلي gravitational. لكن الثقوب السوداء ـ وهي تبتلع عادة كل ما يقع في حبائلها ولو كان ضوءا ـ يمكنها أيضا، كما بين <W .S. هوكنگ> (من جامعة كامبردج) أن تُصْدِر إشعاعا جسيميا يجعلها تفقد بعض مادتها وتتقلص. فإذا كانت الكتلة الأصلية مكونة من أوتار، يكون من شأن هذا التفكك أن يقود في النهاية إلى شيء عديم الحجم ـ ثقب أسود «خارجي» يبدو في الواقع وكأنه جسيم.

    لكن سسكند يؤكد أن هذه الثقوب السوداء القزمة جدا لا تشبه في شيء النجوم المرتصة التي يبحث عنها فيزيائيو النجوم. وبهذا الصدد يقول: «إن أعمال سترومنگر عظيمة، لكن تسمية هذه الأشياء ثقوبا سوداء هي، في رأيي، من قبيل الإدمان.» (كان عنوان نشرة سسكند الأخيرة: «العلم كهولوگرام.») والواقع إن الثقوب السوداء الخارجية ـ أو الأغشية السوداء، أو الملاءات السوداء ـ هي مجرد فُتات حقول وترية، معروفة في مجال آخر باسم سوليتونات.

    رياضيات المثنوية
    لقد حل الفيزيائيون بعض المسائل القديمة في الرياضيات التقليدية باستخدام الحدس والتشابهات ونوع من الرياضيات المتيسرة المستوحاة من الطبيعة. وهم يجهدون أيضا في ابتكار فرع جديد من الرياضيات يسمونه الهندسة الكمومية quantum geometry، وبهذا الصدد يقول< J. مورگان> (وهو رياضياتي في جامعة كولومبيا): «إن الفيزيائيين يرشدوننا إلى حيث يجب أن نتطلع. وهذا شيء محبط. فنحن لا نملك المدخل الذي يملكونه إلى هذا النوع من التفكير.»
    كان <E. ويتن>، من مؤسسة الدراسات المتقدمة في برنستون، قد نال عام 1990 ميدالية فيلدز(4) Fields Medal على الطرائق العديدة التي استخدم فيها الفيزياء النظرية لحل مسائل رياضياتية معقدة. والتناظر الفائق مفهوم أساسي في الفيزياء تبين أنه ذو ارتباط وثيق بالهندسةgeometry الحديثة. و«هذا شيء مدهش،» كما يرى <R .D. موريسون> (من جامعة ديوك). وآخر نجاح باهر أحرزه التناظر الفائق هو أنه وفَّر وسيلة لتصنيف الفضاءات ذات الأربعة أبعاد. والغريب أن هذه الأبعاد، التي تلائم العالم الواقعي، هي الأكثر تعقيدا في الوقت نفسه.
    كان<K .S. دونالدسون> قد بيَّن عام 1982 كيفية استخدام نظريات الحقل الكمومية لإحصاء عدد الثقوب في فضاء ذي أربعة أبعاد، ومن ثم لتصنيفه طوبولوجيًا. (كمثال على ذلك نذكر الكرة والكعكة والعُقدية(5) المضاعفة: إنها تنتمي إلى أصناف متخالفة من السطوح ذات البعدين، لأنها تختلف في عدد ثقوبها.) لكن الحسابات كانت شاقة جدا لأن النظريات الحقلية ذات طبيعة عسيرة. لكن سايبرگ و ويتن برهنا عام 1994 على أن نتائج إحدى نظريات الحقل الكمومية الفائقة التناظر يمكن أن تُستمد من نظرية أخرى من هذا القبيل، وذلك بوساطة تناظر يسمى مثنوية duality، مما يتيح استخدام حسابات سهلة للحصول على نتائج حسابات أصعب بكثير. وقد زوَّدنا ويتن بمجموعة مكافئة من الأعداد التي يمكن حسابها بسرعة تساوي ألف ضعف من سرعة حساب أعداد دونالدسون Donaldson numbers. فنظرية سايبرگ ويتن، كما يقول مورگان، «تفتح الباب على مصراعيه وتتيح لنا أن نجيب إجابة تامة عن معظم الأسئلة المهمة جدا.»
    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg[/IMG]
    لقد اعتبر الرياضياتيون عملية حذف ثقوب من فضاءات مُغلقة، عملية مستحيلة، لكن الفيزيائيين وجدوا طريقة لتحقيق ذلك. إن الكعكة والكرة هما طريقتان لالتفاف سطح ذي بعدين على نفسه، لكنهما تختلفان في عدد ثقوبهما ـ للأولى ثقب واحد وليس للثانية أي ثقب ـ فإذا ما ضغط جزء من الكعكة إلى نقطة، يمكن فصل الجزء الباقي. ويمكن عندئذ إعادة تشكيل الكعكة لتصبح كرة.

    وهناك مثنوية من نوع آخر ألقت الضوء على مسألة مربكة أخرى. كان الرياضياتيون راغبين في معرفة كيف يمكن لعدة منحنيات متشابكة بطريقة معينة أن تُرسم في فضاء معين. إن حل هذه المسألة بالغ الصعوبة إذا كانت المنحنيات ذات التفافات convoluted. لكن <R .B. گرين> (من جامعة كورنيل)، و <R. بيليسر> (من جامعة القدس)، اكتشفا أن الأوتار التي تسكن في فضاءين غير مترابطين ظاهريا يمكن أن تُعطي نتائج واحدة. وباستخدام هذا التناظر المرآتي استطاع <P. كانديلاس> (من جامعة تكساس) وآخرون، أن يستنبطوا نتائج حسابات شبه مستحيلة في فضاء ما، وذلك بالتطلع إلى الفضاء المُثاني في المرآة ـ فاستخرجوا أعدادا كانوا يبحثون عنها منذ زمن طويل.
    وفي واقع الأمر، تتيح النظرية الوترية رؤية أوضح مما يمكن أن تتيحه الرياضيات التقليدية. والنتائج المذكورة ليست إلا تلك التي تظهر عندما تُستمد الأوتار من الميكانيك الكمومي. فالأوتار الكمومية تتماوج في تشكيلة فضاءات مازال على الرياضياتيين أن ينشئوها. زد على ذلك أن گرين وموريسون وسترومنگر برهنوا على أن المفعولات الكمومية تتيح للفضاءات المتخالفة في عدد الثقوب ـ كالكعكة والكرة ـ أن يتحول أحدها إلى آخر بشكل أملس؛ وهذا شيء غير وارد عند الرياضياتيين. (إن القواعد النموذجية في التعامل مع الفضاءات تتيح لها أن تتمدد أو أن تنكمش كملاءة من المطاط، ولكن لا يمكن فتح ثقوب أو إغلاق ثقوب فيها.) وقد أصبحت دراسة أمثال هذه الفضاءات الميدان الجديد في الهندسة الكمومية.
    لقد أنعشت هذه الاكتشافات فرعَيْن محبوبين من الرياضيات هما الهندسة الجبرية ونظرية الأعداد. وعنهما يقول <T .S. تونگ> (من جامعة هارڤارد) أحد حائزي ميدالية فيلدز): «إنهما موضوعان مركزيان في الرياضيات. فأنت، إذا فتحت بابا لمجال جديد هنا، تتوقع أن يكون له تأثير كبير في سائر الرياضيات.» والأمر الذي يشكل عقبة كبيرة في طريق الرياضياتيين هو أنهم لم يبرهنوا على نتائج النظرية الوترية بطريقة ترضيهم.
    ومع ذلك يوافق الرياضياتيون على أن الفيزيائيين حصلوا بطرائقهم المشكوك فيها على حقائق رياضياتية. ويبرر مورگان هذه الشكوك بقوله: «إننا لا نستطيع أن نستغني عن الصرامة، وإلا فإن مصير الفرع هو الفشل.» لكن الصرامة يمكن أن تكون عائقا هي الأخرى، فتجعل الرياضياتيين بمعزل عن قفزات اليقين التي يبتهج الفيزيائيون بتحقيقها. لكن مورگان يستأنف متسائلا: «هل ننتظر الفيزيائيين ليرشدونا مرة أخرى إلى أين يجب أن نتطلع؟ أم علينا أن نسعى لبلوغ حالة يمكننا فيها التوصل إلى ذلك الحدس؟»

    كان سترومنگر يستكشف سلوك الثقوب السوداء الخارجية حين يلتف أحد أبعاد الزمكان على نفسه بشدة كبيرة جدا. تصور أنك أخذت أنبوبا مطاطيا غير محدود الطول ولففتَه على نفسه ثم ألصقت طرفيه معا بحيث يتخذ شكل كعكة doughnut. وبهذه الطريقة يمكن لبعدَيْ سطح هذا الأنبوب أن ينكمشا فيتولد فضاء أصغر بكثير (وهو لايزال من دون حدود). افترض الآن أن هذه الكعكة قد أصبحت صغيرة جدا في نقطة واحدة. ففي أثناء انضغاطها وجد سترومنگر أن بعض الثقوب السوداء، المكونة من أغشية متكوِّرة حول البعد المتقلص، تصبح عديمة الكتلة. فقرر أن يُدخل هذه الأشياء في حساباته كأمواج ميكانيكية-كمومية.

    لقد حصل شيئان يشبهان المعجزة. فقد كانت الحسابات القديمة في النظرية الوترية تفشل دوما عندما يستدق الأنبوب ليصبح خيطا، لكن الثقوب السوداء الكمومية تجعل الرياضيات تحقق نجاحا جيدا حتى في هذه الحالة المتطرفة. ويرى هوروويتز أن الفيزياء الكمومية هي المنقذ الحقيقي للنظرية الوترية، ويقول: «إن الإلكترون الذي يسقط في نقطة شحنة الپروتون يقود، في الميكانيك التقليدي، إلى كميات لامتناهية. ولا يمكن للإلكترون أن يتخذ مدارا إلا عندما تُدخِل الميكانيك الكمومي.» وكنتيجة أخرى تبين ظهور عدد كبير من الثقوب السوداء العديمة الكتلة؛ أي إن المنظومة خضعت لانتقال طوري يشبه كثيرا تكاثف البخار إلى ماء.

    إن الانتقال الطوري ينبئ بتغير في الكعكة نفسها. إنها تنقطع عند أدق جزء منها ـ عنف كان دائما يُنفر منه الفيزيائيين والرياضياتيين ـ وتتخذ من جديد شكلا كرويا، وهذه طريقة أخرى لالتفاف ملاءة ذات بعدين على نفسها. وبذلك حصلت في النظرية الوترية صلة بين فضاءين ملتفين ومتخالفين جدا. ويعترف سترومنگر: «بأن الرياضياتيين لا يحبون ذلك، إذ إنه يستدعي تمزقا tearing إلا أن المفعولات الكمومية «تصقل» هذا التمزق.»

    إن أنواعا عديدة من التمزق يمكن في نهاية المطاف أن تكوِّن رابطة فيما بين آلاف الحلول للنظرية الوترية. وضمن الفضاءات الداخلية المترابطة هكذا، يمكن للأوتار أن تجد فضاءها «الخاص» وهي تتحرك بينها. وكما يتجمد الماء في أحد القطبين ويتبخر في الصحاري، يمكن للأوتار أن تختار شكلا يلائم بيئتها. ويصبح العثور على الحل الصحيح مسألة دينامية.

    ويتكهن سترومنگر بأن الكون ربما يحوي في مكان ما قطرة وجَدت فيها الأوتار فضاء داخليا مختلفا. ولدى الدخول في القطرة تنقلب الثقوب السوداء إلى أوتار، وتنقلب الأوتار إلى ثقوب سوداء. وفي جوارنا المباشر يمكن لأمثال هذه القطرة أن تبدو كأكوان افتراضية سريعة الزوال، لا توجد إلا في أثناء فترات زمنية قصيرة جدا وتختفي قبل أن يتضح وجودها.

    النظرية
    وعلى الرغم من شطحات الخيال هذه يعود الفيزيائيون إلى أرض الواقع ليؤكدوا لنا أن النظرية النهائية، نظرية كل شيء، لاتزال بعيدة، فحتى ڤافا المتفائل يرى أن علينا أن ننتظر عقودا من الزمن ليتحقق لنا فهم صحيح لهذه النظرية. ويتكهن شوارتز قائلا: «عندما نجد صيغة جميلة، قد لا نستطيع عندئذٍ أن نسميها نظرية وترية، بل ربما نسميها «النظرية» ليس إلا.» ففي ثمانينات هذا القرن قوبلت ادعاءات اكتشاف نظرية كل شيء (TOE) بالهزء لدرجة أن النظريين الوتريين صاروا الآن يتقززون من هذا الرمز (TOE).

    لا يوجد إجماع على أن «النظرية» هي الآن قاب قوسين أو أدنى. وعلى من يظن ذلك يرد «هوفت» بلهجة لاذعة قائلا: «إن الادعاءات الآتية من زمرة النظريين الوتريين لاتزال كالعادة مشحونة بالمبالغات.» والمشكلة الكبيرة هي أن الأوتار قد لا تحظى أبدًا بأي اختبار تجريبي. إذ لا يستطيع أحد أن يتخيل اختبارا لشيء صغير لهذه الدرجة: إن التقنيات الحديثة لا يمكن أن تسبر غور أي شيء أصغر من 15-10 سنتيمتر. وكل ما يرجوه النظريون هو أن يتيح لهم المصادم الهَدروني الكبير Large Hadron Collider، الذي سوف يبدأ في العمل عام 2005 في المركز سيرن، اكتشاف التناظر الفائق على الأقل، هذا التناظر الذي يرى ويتن (مستجيبا لرأي آينشتاين بأن «الإله ليس مكارا»)(6) أنه «سيكون أفضل طريقة تختارها الطبيعة للإعراب عن لطفها.»

    ولكن حتى لو تبين وجود تناظر فائق، فإن مسألة أخرى تظل مطروحة. ذلك أن الزمكان العادي مسطح في عالمنا الواقعي، في حين أن التناظر الفائق المنقوص الذي يعزوه النظريون إلى الطبيعة يجعل الزمكان يلتف على نفسه بشدة مستحيلة في كل الأبعاد.

    إن لدى ويتن طريقة مبتكرة للالتفاف على هذا المأزق، طريقة تعتمد على المثنوية بين نظريات في أبعاد مختلفة. فقد يكون ممكنا الانطلاق من كون لا يحوي في البدء سوى ثلاثة أبعاد مسطحة ـ أحد الأبعاد الأربعة التي نعرفها لايزال ملتفا على نفسه. إن للزمكانات من هذا القبيل صفات خاصة تتيح تحديد المسائل التي يطرحها التناظر الفائق. وفي النهاية يمكن نشر البعد الرابع، مما يقود إلى الكون كما نعرفه. «إن اقتراح ويتن»، كما ينعته شوارتز، «أهوج نوعًا ما، ولكنه قد يكون صائبا.»

    إن خصوصيات الثقالة تطرح أيضا مسائل عديدة. فقد وجد آينشتاين أن الثقالة تنبع من انحناء الزمكان. وهذا يعني أن استكمام quantize الثقالة هو استكمام المكان والزمان. وفي تلك الحالة، يرى هوروويتز، «ربما لا يكون للمكان وللزمان أي معنى، وقد يتبين أنهما في مداهما الواسع بنية تقريبية.»

    والنظرية الوترية بعيدة جدا عن أمثال هذه التوقعات. أما «النظرية» فستحتاج إلى المقدرة على توصيف الظروف الأكثر تطرفا، كتوصيف نشأة الكون أو البيئة ضمن ثقب أسود. ويقول هوفت نتيجة ذلك كله: «إن النظريين الوتريين ميالون إلى الثقة العمياء بنظريتهم مدَّعين أنها يمكن أن تتعامل مع كل شيء. والواقع إنهم ليسوا أفضل من غيرهم في فهم الانهيار التثاقلي gravitational collapse.

    لكن النظريين الوتريين، بسبب إعجابهم بالثراء الرياضياتي المتألق في نظريتهم، يبدون غير عابئين بأي انتقاد. وفي محاولة تبرير هذا الموقف يقول <M .P. راموند> (من جامعة فلوريدا): «إن هذا يشبه تجوالك في وادي أحد الملوك، وبإزاحتك صخرة عن مكانها وجدت سردابا ممتعا يحوي درجا صاعدا. ونحن الآن تماما في مرحلة تنظيف درجاته.» أما ما يقود إليه هذا الدرج، فمازلنا نجهله ـ وهكذا فإن أمام هذه المغامرة مراحل مثيرة أكثر.

    وفي مؤتمرهم الذي عقد في الشهر 3/1995، تابع الفيزيائيون مناقشةً كانوا قد بدؤوها على الغداء. وتناولت هذه المرة الدالة الموجية للكون(7)، وهذه محاولة مباشرة لتوصيف الكون كشيء ميكانيكي-كمومي. وهنا يستطرد سسكند قائلا: «من وجهة نظري كمتشبث عنيد ضعيف الثقافة وجاهل، أعتقد أن هذا مجرد كلام فارغ.» وأما هوروويتز الذي شكّل، بالاشتراك مع آخرين، دالات موجية من هذا القبيل، فينفجر ضاحكا.


    (1) المفرد سوليتون soliton: كلمة تنطوي على معنى التوحّد والتفرّد. (التحرير)
    (2) أي لم يتم حتى الآن اكتشاف جسيم نديد، بالتناظر الفائق، لأي من الجسيمات المعروفة اليوم. (التحرير)
    (3) caterpillar يرقانة فراشة.
    (4) ميدالية تمنح في الرياضيات وتقابل من حيث الأهمية جائزة نوبل، وهذه الأخيرة لا تُمنح في الرياضيات.
    (5) pretzel: بسكويتة قاسية مملحة الظاهر لها شكل عقدة. (التحرير)
    (6) God is not malicious.
    (7) the wave function of the universe.

    Scientific American, January 1996

  2. #37
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    اتجاهات في الفيزياء النظرية
    تفسير كل شيء
    <M. موكرجي>
    تناظر جديد، مثنوي، في الفيزياء النظرية يغير طريقة تفكير
    الفيزيائيين بخصوص الجسيمات الأساسية ـ أو الأوتار.
    وهو أيضا يقودنا نحو «نظرية كل شيء».
    عندما يُفحص الوتر العنصري (الأولي) عن كثب، يتبين أنه شيء مركَّب شديد التعقيد ومنسوج من الجسيمات والأوتار نفسها التي تنبثق منه.


    نسيم خفيف يحرك الهواء الساخن تحت الخيمة جالبا معه بعض الارتياح لرجال العلم الجالسين في ظلها. وتقول السيدة <R. كالوش> (من جامعة ستانفورد) وهي تكتب معادلات على اللوح الأسود: أريد لثقالتي القانونيةcanonical gravity ذات الأبعاد الأربعة أن تكون واحدة في اللانهاية. ويطرح <A .J. هارڤي> (من جامعة شيكاگو) السؤال التالي:

    «ماذا يعني أن تكون ثقوبك السوداء عديمة الكتلة؟ وهل تتحرك بسرعة الضوء؟» وينبري <T .G. هوروويتْز> (من جامعة كاليفورنيا) ليجيب: «إنها لا تملك شيئا، ليس لها اندفاع momentum
    ويحتج هارڤي قائلا: «ليس لها طاقة ولا اندفاع ـ لا شيء هناك!»
    وهذه واحدة من المجادلات العديدة التي كانت تنشب بين الفيزيائيين النظريين المجتمعين في مركز أسبين للفيزياء بكولورادو روكيز. وفي هذه المرة كان الجو مفعما بانفعال يندر مثيله. كان الفيزيائيون النظريون يعتقدون بأن نظرية كل شيء Theory of Everything TOE هي قاب قوسين أو أدنى.

    ووفقا للخيال الجامح، ستكون «نظرية كل شيء» عندما يتم بلوغها ـ بسيطة لدرجة أن تُكتب بشكل معادلة واحدة يمكن حلها. وسيقود حلها إلى أوصاف عالم هو عالمنا من دون ريب، أي بأبعاد مكانية ثلاثة وبُعْد زمني واحد؛ وفيه كواركات وإلكترونات وجسيمات أخرى صُنعت منها الكراسي والغربان والنجوم، وبقوى ثقالية ونووية وكهرمغنطيسية تجعل هذا الكون متماسكا بمجمله، بما في ذلك الانفجار الأعظم الذي انبثق منه كل شيء. وستتجلى المقولات الأساسية في الفيزياء ـ بما فيها الميكانيك الكمومي ونظرية آينشتاين في الثقالة ـ كمبادئ مترابطة بشكل وثيق. وبهذا الصدد يتنبأ <E. ويتن> (من معهد الدراسات المتقدمة في برنستون) بأن «مفاهيم الفيزياء كما نعرفها اليوم ستتغير تماما عندما نكتشف القصة.»

    لقد انتعشت أيضا آمال كبيرة منذ عقد من السنين حين حظيت النظرية الوترية string theory باستقبال لطيف كنظرية مؤهَّلة لأن تكون نظرية كل شيء. لقد ابتدع بعض الفيزيائيين النظرية الوترية من فكرة أن الكائن الأكثر أساسية في هذا الكون هو وتر صغير لدرجة لا يمكن تصورها. وقد قالوا إن تموجات أوتار من هذا القبيل تولِّد كل الجسيمات والقوى في هذا الكون. ويبلغ طول حلقات الوتر، أو قِطَعه، قرابة 33-10 سنتيمتر، وهي تهتز بأساليب عديدة متخالفة، كما يفعل وتر الكمان. ولكل نمط اهتزازي طاقة، أو كتلة، معينة ويمكن اعتباره جسيما بموجب قوانين الميكانيك الكمومي. ولكن سرعان ما صادفت النظرية الوترية عقبات رياضياتية فتشعبت إلى خمس نظريات متنافسة. ويعلق <A. سترومِنْگِر> (من جامعة كاليفورنيا) على هذا التشعب متهكما: «ليس من الجمال في شيء أن يكون لديك خمس نظريات موحِّدة.» والأسوأ من ذلك أن لهذه النظريات آلاف الحلول وأن معظم هذه الحلول لا تشبه عالمنا بتاتا. وعندما طُلب عام 1986 إلى <L .S. گلاشو> (وهو خبير مخضرم من جامعة هارڤارد) أن يوجز نظرية كل شيء بكلمات لا يزيد عددها على سبع، أجاب بدعابة متأسفا: «آه، يا إلهي، لماذا تخليت عني؟»

    يبدو أن الله قد استجاب له. فقد ظهر تناظر جديد خاص، يسمى مثنوية duality، جعل كل الأوتار المتخالفة تلتف بعضا على بعض. والواقع إن المثنوية تحدد من جديد ما كان يعتبره الفيزيائيون جسيما أساسيا fundamentalparticleـ أو وتراstring . فالأشياء العنصرية (الأولية) elementary تبدو اليوم مصنوعة من الجسيمات نفسها التي تتولد منها. ويعتقد ويتن أن المثنوية لا تقود إلى نظرية كل شيء فحسب، ولكنها أيضا قد توضح لماذا كان العالم كما هو فعلا. ويقول بهذا الخصوص: «أعتقد أننا نتجه نحو تفسير للميكانيك الكمومي.» وقد نُقل عن نقاد هذا التيار النظري قولهم إن الرياضيات الوترية معقدة لدرجة أنها خلَّفت وراءها معظم الفيزيائيين والرياضياتيين.

    وفي الوقت نفسه راح العالَم، تبعا لفكرة المثنوية، يصير أكثر غرابة. فالأوتار تتحول فيه بسهولة إلى ثقوب سوداء، والعكس بالعكس؛ وانبثقت أبعاد جديدة في مجالات شتى؛ ولم تقتصر هذه الظاهرة على الأوتار، بل إن الفقاعات وسواها من الأغشية قد طواها الخفاء في طرق جانبية من هذا الكون. ويعتقد الباحثون أن مجموعة الروابط تتجه نحو كينونة أعمق ـ ربما نظرية كل شيء ـ تفسرها كلها. ويقول <J .M. دوف> (من جامعة تكساس) بهذا الصدد: «إن هذا يشبه أشجار الحَوْر aspen» ملوحا بيده إلى موضع قريب. «فثمة شبكة جذور منتشرة تحت الأرض؛ ولا نرى سوى النتف الصغيرة التي برزت فوق سطح الأرض.»

    تناظر جديد
    إن لكلمة متثاني dual ـ التي حلت سريعا محل كلمة فائق super كأكثر الكلمات شيوعا في نظرية الجسيماتparticle theory ـ عدة مدلولات متخالفة لدى الفيزيائيين. ويقال عموما عن نظريتين إنهما متثانيتان إذا كانتا في الظاهر غير متناظرتين على الرغم من أنهما تقودان إلى نبوءات فيزيائية متطابقة. وإليك مثالا على ذلك: إذا بادلنا، في معادلات مكسويل الكهرمغنطيسية، بين الحقل الكهربائي والحقل المغنطيسي، نحصل على نظرية مختلفة تماما، ولكن إذا افترضنا أن الكون يحوي، إضافة إلى الشحنات الكهربائية، شحنات مغنطيسية (أي جسيمات ذات قطب مغنطيسي واحد من أحد النوعين: الشمالي والجنوبي)، فإن النظريتين تصبحان متطابقتين تماما ـ أو متثانيتين.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.jpg[/IMG]
    يمكن إحداث أنساق مختلفة من الاهتزاز في أي وتر. ويتيح الميكانيك الكمومي تفسير الموجات على أنها جسيمات. وإذا كانت عروات وتر طوله نحو-33 10 سنتيمتر هي مكونات أساسية للمادة، عندئذ تكون طاقاتها الاهتزازية هي كتل الجسيمات العنصرية (الأولية)، كالإلكترونات والكواركات والفوتونات.


    وبتحديد أكثر نقول إن المثنوية تجعل الأشياء العنصرية والمركبة قابلة للمبادلة، بمعنى أن اعتبار الجسيم، أو أية كينونة أخرى، شيئا أساسيا بحتا أو شيئا مصنوعا من كينونات أساسيةٍ أكثَر منه أمرٌ يتعلق بوجهة نظرك، لكنك في كلتا الحالتين تحصل في النهاية على نتائج فيزيائية واحدة.

    كانت أولى إشارات المثنوية قد ظهرت حين عمل الفيزيائيون على نظريات الحقل الكمومية، أي النظريات التي تصف الجسيمات بأنها أمواج ميكانيكية-كمومية تنتشر في الزمكان space-time. ففي النظرية الحقلية المعروفة باسم الكروموديناميك الكمومي quantum chromodynamics تُعتبر الكواركات جسيمات عنصرية (أولية)elementary particles ذات شحنة من نوع يشبه كثيرا الشحنة الكهربائية، وتسمى لونا color. واللون يجعل الكواركات تتجاذب فيما بينها تجاذبا شديدا جدا فتتجمع أزواجا أو ثُلاثيات لتشكل جسيمات مركبة: كالپروتونات.

    وكما لا توجد في الكون العادي جسيمات ذات شحنة مغنطيسية، كذلك لا توجد جسيمات ذات شحنة مغنطيسية لونية. لكن <G. هوفت> (من جامعة أُترخت في هولندا) و <A. پولياكوڤ> (من معهد لانداو قرب موسكو) بيَّنا عام 1974 كيف يمكن لهذه الحقول أن تتكور بشكل عقد صغيرة ذات شحنة مغنطيسية لونية. ويطلق على أمثال هذه التجمعات ـ التي يتصورها الفيزيائيون ككرات صغيرة قنفذية الشكل مجهزة بأسهم تُمَثِّل متجهاتvectors رياضياتية ـ اسم السوليتونات(1)، وهي تتصرف كجسيمات. وهكذا نرى أن نظرية الكواركات التي تتمتع بشحنة كهربائية لونية يمكن أن تعني أيضا وجود سوليتونات ذات شحنة مغنطيسية لونية معروفة أيضا باسم وحيدات القطب (المغنطيسي) monopoles. فوحيدات القطب إذًا جسيمات مركبة، لأنها مشتقة من الحقول أو من كواركات أكثَر أساسيةٍ منها.

    وفي عام 1977 كان <D. أولايف> و <C. مونتونين>، اللذان يعملان في المركز سيرن (CERN) قرب جنيف، يريان أن النظريات الحقلية التي تتناول الألوان يمكن أن تكون مثنوية. أي إننا، بدلا من أن نعتبر الكواركات جسيمات عنصرية (أولية) ووحيدات القطب جسيمات مركبة، قد نستطيع أن نعتبر وحيدات القطب جسيمات عنصرية. وعندئذ يستطيع المرء أن ينطلق من نظرية حقلية في التفاعل بين وحيدات القطب ليجد أنها قادت إلى سوليتونات تبدو كالكواركات. وهذا يعني أن تناول النظرية، من زاوية الكوارك أو من زاوية وحيد القطب، يقود في كلتا الحالتين إلى نتائج فيزيائية واحدة.

    كان معظم النظريين يشكّون في هذا الأمر؛ إذ كان يُظن أن البرهان على المثنوية مستحيل، حتى ولو كانت موجودة فعلا: فرياضيات الكروموديناميك الكمومي صعبة للغاية، وقد يستلزم البرهان على المثنوية حساب مجموعتين من النبوءات للمقارنة بينهما. وبهذا الصدد يقول <N. سايبرگ> (من جامعة روتجرز): «من النادر جدا في الفيزياء أن تحسب شيئا بالضبط.» لكن <A. سين> (من معهد تاتا في بومبي بالهند)، برهن في الشهر 2/1994 على أنه يمكن أحيانا اختبار نبوءات المثنوية اختبارا دقيقا ـ وكانت هذه النبوءات صحيحة.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG]
    تُمكّنُ المثنوية، وهي نوع من التناظر، من النظر إلى الكيانات المركبة على أنها مكافئة للجسيمات العنصرية (الأولية)، والعكس بالعكس. فللكوارك (أعلى اليسار)، مثلا، نوع من الشحنة يسمى لونا (الأحمر). وتولِّد الشحنات في أثناء حركتها حقولا مغنطيسية، وعلى غرار ذلك، تولِّد الكواركات حقولا مغنطيسية لونية (الأزرق). ويمكن لعدة كواركات أن تنضم معا لتشكل شيئا مركبا له شحنة مغنطيسية لونية يسمى وحيد القطب monopole (أعلى اليمين). لكن وحيد القطب يمكن أن يُعتبر جسيما عنصريا (أوليًا) وذلك بفضل المثنوية (أسفل اليمين). ويمكن لوحيدات القطب بدورها أن تتكتل لتشكل كواركات ـ وهذه هي الآن أشياء مركبة (أسفل اليسار). وهنا تمثل الأسهم السوداء خواص الجسيمات التي هي متجهات، كالاندفاع (كمية الحركة) الزاوي angular momentum.


    لقد أقنع الحساب الفيزيائيين. وبهذا الصدد يقول هارڤي ضاحكا: «لقد تحول ويتن من قوله بأن ذلك مضيعة للوقت إلى القول بأنه أهم ما يجب العمل فيه.» كان ويتن، الذي غالبا ما دعاه خصوم النظرية الوترية باسم «الحَبْر»the Pope، رائد العديد من الأفكار في فيزياء الجسيمات خلال العقدين الأخيرين.

    وفي أثناء ذلك كان سايبرگ يطور في جامعة روتجرز طريقة حسابية قصيرة تساعد كثيرا في الحسابات اللازمة لدراسة الكروموديناميك الكمومي. كان هذا العمل يعتمد على التناظر الفائق supersymmetry. وهذا التناظر فكرة تقول إن كل نوع من الجسيمات يكوّن مادة، ولا بد من وجود جسيم ذي صلة (جسيم نديد) ينقل القوة، والعكس بالعكس. ومع أن هذا التناظر الفائق لم يُكْتشف بعد في الطبيعة(2)، نجد أن النظريين كثيرا ما يلمّحون إلى قدراته.

    فباستخدام التناظر الفائق كإطار للتفاعل بين الجسيمات استطاع سايبرگ أن يبيِّن كيف يمكن إجراء حسابات كان يستحيل إجراؤها في الكروموديناميك الكمومي. كما توصل، بالاشتراك مع ويتن، إلى البرهان على أن نُسَخَ الكروموديناميك الكمومي المنطوية على تناظر فائق نسخٌ متثانية.

    إن لهذا الاستخدام للتناظر الفائق فائدة فورية مذهلة؛ إذ إن من الصعب إجراء حسابات الكروموديناميك الكمومي لأن الكواركات تتفاعل interact، أو تقترن couple، بالقوة الشديدة. لكن وحيدات القطب تتفاعل بالقوة الضعيفة، ومن السهل إجراء الحسابات في حال وحيدات القطب. فالمثنوية تتيح للنظريين إذًا أن يتعاملوا مع وحيدات القطب ـ وأن يعرفوا تلقائيا كيف يجيبون عن الأسئلة المطروحة في الكروموديناميك الكمومي. وبهذا الصدد يقول هارڤي: «إن ذلك ضرب من الحيل السحرية، ولا نفهم حتى الآن لماذا يجب أن يكون فعالا.» وبفضل سلاح المثنوية توصل سايبرگ و ويتن إلى أن يعرفا بالحساب التفصيلي سبب استحالة رؤية كواركات حرة في الطبيعة، مما يؤكد آليةً اقترحها في السبعينات كل من هوفت و <S. ماندلستوم> (من جامعة كاليفورنيا في بيركلي).

    من الواضح أن صحة هذا العمل كله تعتمد على افتراض أن التناظر الفائق شيء حقيقي. لكن سايبرگ مازال يأمل بأنه في نهاية الأمر ستظل المثنوية قائمة حتى في غياب تناظر فائق، بحيث إن «النتائج الوصفية ستكون صحيحة ولو كانت النتائج الكمية منوطة بالتناظر الفائق.»

    وعلى كل حال فإن المثنوية أكثر بكثير من أن تكون مجرد وسيلة حسابية: إنها طريقة جديدة في النظرة إلى الكون، أو، كما يقول هارڤي: «شيء يؤدي إلى الاعتقاد بأن المُركَّب أصبح أساسيا،» والعكس بالعكس. وهذا لدرجة أن سايبرگ، المحافظ بطبيعته، لم يستطع أن يقاوم فكرة أن الكواركات قد تكون سوليتونات، أي متثانيات لجسيمات أخرى أساسية حقا وأصغر من الكواركات.

    توتير الأوتار معا
    ربما كان مفهوم المثنوية قد نشأ عن نظريات حقلية، لكن «المثنوية طبيعية جدا في النظرية الوترية،» كما يقول سين. وهي أيضا ذات وجوه أكثر عددا مما في النظريات الحقلية. ففي إطارها يمكن توحيد أوتار من شتى الأنواع، أوتار موجودة في أبعاد شتى وفي زمكانات من أشكال شتى. وكل هذه المزايا تتيح للنظرية الوترية أن تتجاوز حدودها وأن تسمو إلى مكانة «نظرية كل شيء».

    كانت النظرية الوترية في أول نشأتها قد أخفقت في أن تكون نظرية موحِّدة، وذلك لكثرة أنواع الأوتار المطروحة، وكذلك للإرباك الناجم عن تعدد الأجوبة التي تعطيها. وهذه الكثرة نابعة من خاصية أخرى للنظرية الوترية ـ إنها متماسكة فقط في حال أوتار تسكن زمكانا space-timeذا عشرة أبعاد. ومن المعلوم أن العالم الواقعي ذو أربعة أبعاد: ثلاثة مكانية وواحد زمني. وتفترض النظريةُ أن الأبعاد الستة الإضافية ملتفة على نفسها بشدة كبيرة تحول دون اكتشافها من قِبل الكائنات الكبيرة كالإنسان ـ أو حتى الكواركات. وبهذا الصدد يقترح <R .B. گرين> (من جامعة كورنيل) التشبيه التالي: «تصور أنبوب سقاية الحدائق. إنه يبدو، من بعيد، خطًّا ذا بعد واحد. ولكنك عندما تنظر إليه عن كثب ترى أنه في الواقع سطح ذو بعدين أحدهما ملتف على نفسه.»

    ومن سوء حظ النظريين الوتريين أن الأبعاد الستة الإضافية يمكن أن تلتف على نفسها بطرق عديدة جدا: «عشرات الآلاف، حسب التقدير الرسمي،» كما يقول سترومنگر ساخرًا. وكل واحد من هذه الفضاءات المتكورة يقود إلى حل للنظرية الوترية مختلف عن سواه، حل يرسم صورته الخاصة للكون ذي الأبعاد الأربعة، وهذا ليس هو بالضبط الحل المراد من نظرية كل شيء.

    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.jpg[/IMG]
    يمكن تخفيض عدد أبعاد فضاء ما وذلك بلصق طرفيه معا ثم بتقليصه. ونشاهد ملاءة من المطاط ذات بعدين لُفّت أولا بشكل أسطوانة، ثم تقلص البعد الملفوف. وعندما تصبح الأسطوانة رقيقة كفاية، فإنها تبدو بشكل خط (ذي بعد واحد). ثم، إذا لففنا طول هذا «الأنبوب» على نفسه ولصقنا أحد طرفيه بالآخر، نحصل على شكل كعكة doughnut. ويمكن لقطر هذه الكعكة أن يتقلص حتى تبلغ شكل النقطة ـ فضاء عديم الأبعاد. ومثل هذه التغيرات يمكن أن توضح سبب كون البعد الإضافي للزمكان، الذي تقول النظرية الوترية بوجوده، صغيرا جدا لدرجة أنه لا يمكن اكتشافه.


    لقد اكتُشف في أواخر الثمانينات مثنوية، اسمها التناظر المرآتي mirror symmetry، تساعد على التقليل من شأن هذه المسألة وذلك بدمج بعض من الحلول المتاحة معا. فتبيَّن من التناظر المرآتي أن الأوتار في فضاءين ملتفين مختلفين تقود أحيانا إلى الجسيمات نفسها. فإذا أصبح، مثلا، أحد الأبعاد صغيرا جدا، عندئذ يكون بمقدور الوتر الملتف حول هذا البعد ـ على شاكلة عصابة المطاط حول محور أنبوب السقاية ـ أن يكوّن الجسيمات نفسها وكأنها وتر يلف حول بُعد «مسطح» fat.

    إن الحجم الذي يتقلص إليه أحد الأبعاد يشبه وسيطا parameter آخر في النظرية الوترية: شدة التفاعل بين جسيمين. ففي عام 1990 اقترح فريق من الباحثين في المركز سيرن، أن شيئا كالتناظر المرآتي موجود أيضا في اقتران الشدّات. وكما يمكن بالضبط للفضاءات الواسعة أن تكون محكومة بالفيزياء نفسها التي تحكم الفضاءات الصغيرة، فإنه يمكن للنظرية الوترية ذات الاقتران الكبير أن تعطي النتائج نفسها التي تعطيها نظرية أخرى ذات اقتران صغير.

    إن هذا التكهن يربط فيما بين النظريات الوترية كما تفعل المثنوية تماما في نظرية حقلية. زد على ذلك أن الأوتار، إذا نُظر إليها من موقع بعيد، تشبه الجسيمات، مما يعني أن المثنوية في نظرية وترية تدل ضمنيا على مثنوية في نظرية حقلية، والعكس بالعكس. وفي كل الاختبارات التي أُجريت على المثنوية، في النظريتين، كانت النتيجة ناجحة جدا، مما ساعد على تقريب إحداهما من الأخرى.

    وفي غضون ذلك كانت المثنوية تنبثق أيضا من مجال آخر مختلف تماما، هو الثقالة الفائقة supergravity. وهذه النظرية الموحِّدة كانت عبارة عن محاولة لتوسيع نظرية آينشتاين الثقالية كي تشمل التناظر الفائق. (بخلاف ذلك، كانت النظرية الوترية تحاول تعديل نظرية جسيمية بهدف إدخال الثقالة فيها.) ففي عام 1986 استطاع دَفّDuff، (وكان حينذاك في إمبريال كوليج بلندن)، أن يستنتج صورة للثقالة الفائقة تنطوي على اهتزازات شيء جديد جدا وأساسي، اسمه فقاعة bubble. وفي حين كانت الأوتار تهتز في عشرة أبعاد، كانت هذه الفقاعة تسبح في 11 بعدا.

    ويتذكر دَفّ أن «الأغلبية العظمى من الوتريين لم تكن الأقل اهتماما بذلك»، وهذا على الأرجح لأن ما من أحد يعرف كيف يُجري الحسابات مع هذه الفقاعة. ولكن دَفّ مازال يتابع عمله في نظريات شتى تتناول الأغشية المغلقة. وقد وُجِد أن بإمكان غشاء ذي خمسة أبعاد يتحرك في فضاء ذي عشرة أبعاد أن يُستخدم كتوصيف بديل لنظرية وترية.

    وبإمكان «الغشاء الخماسي» الأبعاد أن يلتف حول فضاء داخلي ملتف، كما يلتف الجلد حول السجق. ولكن إذا تقلص هذا الفضاء الداخلي حتى يتلاشى، فإن الفقاعة تنتهي إلى ما يشبه الوتر. وقد اقترح دَفّ أن هذا الوتر الملتف convoluted لا يختلف في واقع الأمر عن أوتار النظرية الوترية، مما يُثبّت وجود مثنوية «وترية ـ وترية». وفي الوقت نفسه كان <M .C. هول> (من كلية كوين ماري بلندن) و <K .P. تاونسند> (من جامعة كامبردج) يتكهنان بعدة تعميمات للمثنوية في نظرية وترية. ويقول دَفّ: «لكن لم يولِ أي من الفريقين اهتماما كبيرا بما نشره الفريق الآخر حول هذا الموضوع.»

    تكاثر المثنويات
    لقد ظل الأمر هكذا حتى الشهر 3/1995 حين بلغت هذه الموضوعات ذروتها في مؤتمر عُقِد حينذاك في جامعة ساوث كاليفورنيا. وكان ويتن أول المتكلمين في هذا الموضوع، فأورد برهانا على المثنوية مستمدا من مجالات شتى. وبيَّن أن هول وتاونسند ودَفّ كانوا يتكلمون كلهم عن فكرة واحدة، وذهب إلى التكهن بأن فقاعات دَفّ في 11 بعدا هي سوليتونات وتر معين في 10 أبعاد. وبعد «ويتن» تكلم سايبرگ معربا عن إعجابه بحديث «ويتن».

    ثم تلا ذلك نشاط علمي انفجاري واستمر من دون هوادة. فراح العلميون يُهرعون كل يوم إلى مكتبة المطبوعات الإلكترونية في مختبر لوس ألاموس الوطني ليجدوا قرابة عشر نشرات جديدة في هذا الميدان. وتعليقا على ذلك تقول<A. سيريزول> (من مدرسة الپوليتكنيك في تورينز): «كان ذلك أول شيء تفعله في الصباح، مثل قراءة الجريدة.» كان البرهان على المثنوية يأتي طريفا ومتنوعا ليربط بين الأوتار والفقاعات وبين السوليتونات من كل شكل ونوع.

    لقد تبين أن أحد السوليتونات، الذي يشبه يسروعا(3) ذا شعر كالأسهم تتجه نحو الخارج على طول خط، يشكل مثنوية وتر أساسي. (وهو يشبه أيضا وترًا كونيا، وهذا بدعة في الكوسمولوجيا (علم الكون) ابتكرها ويتن منذ عشر سنين.) ثم تبيَّن أن أنواعا شتى من الأوتار المبتكرة في العالم الواقعي ـ بأربعة أبعاد ـ مثنوية هي الأخرى. «كانت الأمور متفقة فيما بينها على الرغم من حدوثها بأسباب متخالفة،» حسب قول سايبرگ الذي أضاف: «إنه شيء يشبه السحر.»

    العصور الوسطى
    إن انبعاث النظرية الوترية فريد من جانب واحد ألا وهو أعمار العلميين العاملين فيها. والفيزيائيون، كمصممي الأزياء، يميلون إلى الاعتقاد بأنهم يبلغون قمة إبداعهم في سن ال25. وبهذا الصدد يقول <J .M. دَف> (من جامعة تكساس): «الرياضيات والفيزياء أهداف الشبان.» ولكن هذه الثورة في نظرية الجسيمات، بخلاف ما سبقها من ثورات في الفيزياء، يقودها علميون هم في أواخر الثلاثينات أو أوائل الأربعينات من أعمارهم.
    قد يكون السبب في ذلك الكثرة الكثيرة من المواضيع ـ نظرية الحقل، التناظر الفائق، الثقالة، السوليتونات، والطوبولوجيا ـ التي يجب على الباحثين تناولها إضافة إلى النظرية الوترية. وكما يقول <A .J. هارڤي>، من جامعة شيكاگو، فإن «من الصعب على الشبان أن يهيمنوا على كل هذه المجالات بسرعة كبيرة تكفي للإسهام فيها.» ومعظم قادة هذا الانبعاث هم أولئك الذين نهضوا بالنظرية في ثمانينات هذا القرن ـ وهم الآن قد شاخوا عشر سنوات.
    وقد تثبتوا في وظائف جامعية منذ عشر سنوات. لكن عددا قليلا من الطلبة الذين تدربوا حينذاك على النظرية الوترية فعلوا ذلك عبر الطريقة المعهودة. «كان الميدان غاصا بمن فيه،» كما يقول دَفّ، «وكان هناك ردّ فعل معاد.» وقد انخفض تمويل العلم انخفاضا حادا، مما حرم معظم الفيزيائيين الشبان من الحصول على عمل.
    والذين تدبَّروا أمرهم للاستمرار كانوا خاضعين لضغط شديد كي ينشروا بحوثا، مما كان يثقل كاهل الإبداع. «لكن الشبان»، كما يقول هارڤي، «لا يستطيعون التقدم سريعا من تلقاء أنفسهم. وإذا لم يفعلوا شيئا يستفيد منه كل الآخرين، فلن يستطيعوا الحصول على عمل آخر.» ويجاريه سسكند (من جامعة ستانفورد) قائلا: «إن نظام ما بعد الدكتوراه لا يترك إلا القليل من الوقت للتفكير.» وكان هناك بضعة طلبة جدد ـ لا يرون مستقبلا في مجالهم.

    وفي الوقت نفسه، يبدو أن جيلا من الفيزيائيين مختلفا كليا ـ الشيوخ المشهورين ـ قد أُقصي عن الواجهة. فـ <R .S. كولمان> مثلا (من جامعة هارڤارد) رفض التعليق على التطورات الجديدة قائلا «في سنِّي تميل إلى قول كلام لا يؤبه له. وأُفضِّل ألا أقوله.» كما أن زميله في جامعة هارڤارد <L.S. گلاشو>، والذي مازالت تعليقاته اللاذعة تعتمل في صدر بعض النظريين الوتريين لم ينتبه بتاتا إلى أن شيئا قد تغير.
    أما سسكند، الذي يتوسط الجيلين (إذ يبلغ عمره 55 عاما) فينظر إلى هذا التحول بعين التفاؤل قائلا: «إنها لبادرة طيبة أن هناك جيلا في مرحلة التوقف عن البحث في هذا الحقل. فهذا يعني أن الحقل يتحرك باتجاهات ليس بمقدور الأسلاف اتباعها،» إلا أنه يتذمر من أن الذين في سن الأربعين، هم عاديون فوق الحد كي يكونوا جديرين بالاهتمام وذلك على الرغم من براعتهم المؤكدة. والواقع إن الأفراد المحبِّذين للنظرية الوترية والمنسجمين معها، في ورشة العمل في أسپِن Aspenبكولورادو (الصور الفوتوغرافية)، يبدون أبعد ما يكون عن أولئك الذين نعتهم <P .R. فاينمان> في السنة الماضية بأنهم نوابغ متغطرسون وغريبو الأطوار.
    لكن<N. سايبرگ> (من جامعة روتجرز) تنبأ قائلا: «إننا لا بد من أن نحشر في حيّز ضيق حين تظهر الأشياء اللامعة الجديدة من الجيل الجديد.» وهم سيتغلبون، إذ مهما كانت التغيرات، فإن من غير المستطاع مقاومة الاعتقاد الراسخ بسحر الشباب.




    وهناك سبب يدفع بحماس شديد إلى اقتناص المثنويات. فهناك، حسب قول سين، «عدة نظريات وترية غير واقعية. ولا بد من أن نفهمها كلها كي نكتشف النظرية الواقعية.» والمثنوية ذات فائدة في إيجاد رابطة بين الخيارات، وبالتالي في إنقاص عددها. ويعتقد ويتن أن النظريات الخمس الوترية التي تحوي عشرة أبعاد، وهي السائدة الآن، سيتبين أنها جميعا انعكاسات لوتر كمومي نهائي فائق.

    حتى إن دَفّ اقترح فكرة مثنوية المثنويات duality of dualities ـ بمعنى أن المثنوية بين الفضاءات، والمثنوية بين الأشياء العنصرية والأشياء المركبة، قد تكونان مترابطتين. فمن ضمن معظم النبوءات المتميزة لهذه الفكرة نبوءة تقول بأن اتساع الفضاء الملتف يؤثر في شدة التفاعل بين الجسيمات، والعكس بالعكس. فإذا كان أحد الأبعاد الداخلية كبيرا، يمكن للاقتران بين الجسيمات أن يكون كبيرا أيضا.

    وفيما عدا ذلك يقول سسكند شارحا: «قد يتغير اتساع البعد الداخلي وأنت تذهب من مكان لآخر.» فإذا انتفخ أحد الأبعاد الملتفة، في مكان ناء من هذا الكون، فإن الزمكان يكتسب بُعدًا خامسا جديدا؛ وحيث يتقلص بشدة، كما في جوارنا المباشر، تظهر المفعولات الكمومية. والواقع إن السلَّم الأساسي الذي يعمل فيه الميكانيك الكمومي، سلَّمَ ثابتة پلانكPlanck’s constant ، محبوك حبكا وثيقا مع المثنوية؛ فالمثنوية تربط، مثلا، بين كتلة جسيم أو وتر، وبين كتلة مثانيه. وبهذا الصدد يقول<A .S. شنكر> (من روتجرز): «إن أكثر ما يغريني بقبول هذه الفكرة هو أن النظرية الوترية يمكن أن تعلمنا أشياء عن الميكانيك الكمومي.»

    «كل شيء يحدث، الأبعاد تتغير فجأة، أبعاد الأشياء الأساسية متغيرة، ملتفة على نفسها،» هذا ما يقوله دَفّ وهو يهز رأسه في تعجب. إن الاقتراح الآخر الذي أتى به تاونسند هو نوع من «الديمقراطية» ـ إن الأغشية تنتفخ، كما يمكن لسوليتونات النظرية الوترية أن تكون كلها أشياء أساسية لها المكانة نفسها التي للأوتار. ولكن لايزال على هذه الفكرة أن تنتشر بين الأمريكيين الذين يلحون على أن الحسابات مع الأغشية لاتزال عديمة المعنى.

    الثقوب السوداء
    كأن ذلك لم يكن كافيا. فقد ظهرت في الشهر 4/1995 علاقة بين الأوتار والثقوب السوداء ـ علاقة واعدة بتجاوز صعوبة كبيرة تعترض النظرية الوترية. فقد اكتشف سترومنگر وگرين و<R .D. موريسون> (من جامعة ديوك) أن الثقوب السوداء ربما تساعد على ربط آلاف من عشرات آلاف الحلول للنظرية الوترية في شبكة معقدة. والروابط تسهل مسألة إيجاد الحل «الصحيح» للنظرية الوترية ـ الحل الذي يعطي أوصاف الكون الذي نعيش فيه.

    كانت الثقوب السوداء قابعة، بمعنى ما، عند حدود النظرية الوترية منذ بدايتها. والثقوب السوداء تتشكل من جراء ارتصاص كتلة كبيرة من المادة تحت وطأة تجاذبها التثاقلي gravitational. لكن الثقوب السوداء ـ وهي تبتلع عادة كل ما يقع في حبائلها ولو كان ضوءا ـ يمكنها أيضا، كما بين <W .S. هوكنگ> (من جامعة كامبردج) أن تُصْدِر إشعاعا جسيميا يجعلها تفقد بعض مادتها وتتقلص. فإذا كانت الكتلة الأصلية مكونة من أوتار، يكون من شأن هذا التفكك أن يقود في النهاية إلى شيء عديم الحجم ـ ثقب أسود «خارجي» يبدو في الواقع وكأنه جسيم.

    لكن سسكند يؤكد أن هذه الثقوب السوداء القزمة جدا لا تشبه في شيء النجوم المرتصة التي يبحث عنها فيزيائيو النجوم. وبهذا الصدد يقول: «إن أعمال سترومنگر عظيمة، لكن تسمية هذه الأشياء ثقوبا سوداء هي، في رأيي، من قبيل الإدمان.» (كان عنوان نشرة سسكند الأخيرة: «العلم كهولوگرام.») والواقع إن الثقوب السوداء الخارجية ـ أو الأغشية السوداء، أو الملاءات السوداء ـ هي مجرد فُتات حقول وترية، معروفة في مجال آخر باسم سوليتونات.

    رياضيات المثنوية
    لقد حل الفيزيائيون بعض المسائل القديمة في الرياضيات التقليدية باستخدام الحدس والتشابهات ونوع من الرياضيات المتيسرة المستوحاة من الطبيعة. وهم يجهدون أيضا في ابتكار فرع جديد من الرياضيات يسمونه الهندسة الكمومية quantum geometry، وبهذا الصدد يقول< J. مورگان> (وهو رياضياتي في جامعة كولومبيا): «إن الفيزيائيين يرشدوننا إلى حيث يجب أن نتطلع. وهذا شيء محبط. فنحن لا نملك المدخل الذي يملكونه إلى هذا النوع من التفكير.»
    كان <E. ويتن>، من مؤسسة الدراسات المتقدمة في برنستون، قد نال عام 1990 ميدالية فيلدز(4) Fields Medal على الطرائق العديدة التي استخدم فيها الفيزياء النظرية لحل مسائل رياضياتية معقدة. والتناظر الفائق مفهوم أساسي في الفيزياء تبين أنه ذو ارتباط وثيق بالهندسةgeometry الحديثة. و«هذا شيء مدهش،» كما يرى <R .D. موريسون> (من جامعة ديوك). وآخر نجاح باهر أحرزه التناظر الفائق هو أنه وفَّر وسيلة لتصنيف الفضاءات ذات الأربعة أبعاد. والغريب أن هذه الأبعاد، التي تلائم العالم الواقعي، هي الأكثر تعقيدا في الوقت نفسه.
    كان<K .S. دونالدسون> قد بيَّن عام 1982 كيفية استخدام نظريات الحقل الكمومية لإحصاء عدد الثقوب في فضاء ذي أربعة أبعاد، ومن ثم لتصنيفه طوبولوجيًا. (كمثال على ذلك نذكر الكرة والكعكة والعُقدية(5) المضاعفة: إنها تنتمي إلى أصناف متخالفة من السطوح ذات البعدين، لأنها تختلف في عدد ثقوبها.) لكن الحسابات كانت شاقة جدا لأن النظريات الحقلية ذات طبيعة عسيرة. لكن سايبرگ و ويتن برهنا عام 1994 على أن نتائج إحدى نظريات الحقل الكمومية الفائقة التناظر يمكن أن تُستمد من نظرية أخرى من هذا القبيل، وذلك بوساطة تناظر يسمى مثنوية duality، مما يتيح استخدام حسابات سهلة للحصول على نتائج حسابات أصعب بكثير. وقد زوَّدنا ويتن بمجموعة مكافئة من الأعداد التي يمكن حسابها بسرعة تساوي ألف ضعف من سرعة حساب أعداد دونالدسون Donaldson numbers. فنظرية سايبرگ ويتن، كما يقول مورگان، «تفتح الباب على مصراعيه وتتيح لنا أن نجيب إجابة تامة عن معظم الأسئلة المهمة جدا.»
    [IMG]file:///C:/Users/POSTE12/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg[/IMG]
    لقد اعتبر الرياضياتيون عملية حذف ثقوب من فضاءات مُغلقة، عملية مستحيلة، لكن الفيزيائيين وجدوا طريقة لتحقيق ذلك. إن الكعكة والكرة هما طريقتان لالتفاف سطح ذي بعدين على نفسه، لكنهما تختلفان في عدد ثقوبهما ـ للأولى ثقب واحد وليس للثانية أي ثقب ـ فإذا ما ضغط جزء من الكعكة إلى نقطة، يمكن فصل الجزء الباقي. ويمكن عندئذ إعادة تشكيل الكعكة لتصبح كرة.

    وهناك مثنوية من نوع آخر ألقت الضوء على مسألة مربكة أخرى. كان الرياضياتيون راغبين في معرفة كيف يمكن لعدة منحنيات متشابكة بطريقة معينة أن تُرسم في فضاء معين. إن حل هذه المسألة بالغ الصعوبة إذا كانت المنحنيات ذات التفافات convoluted. لكن <R .B. گرين> (من جامعة كورنيل)، و <R. بيليسر> (من جامعة القدس)، اكتشفا أن الأوتار التي تسكن في فضاءين غير مترابطين ظاهريا يمكن أن تُعطي نتائج واحدة. وباستخدام هذا التناظر المرآتي استطاع <P. كانديلاس> (من جامعة تكساس) وآخرون، أن يستنبطوا نتائج حسابات شبه مستحيلة في فضاء ما، وذلك بالتطلع إلى الفضاء المُثاني في المرآة ـ فاستخرجوا أعدادا كانوا يبحثون عنها منذ زمن طويل.
    وفي واقع الأمر، تتيح النظرية الوترية رؤية أوضح مما يمكن أن تتيحه الرياضيات التقليدية. والنتائج المذكورة ليست إلا تلك التي تظهر عندما تُستمد الأوتار من الميكانيك الكمومي. فالأوتار الكمومية تتماوج في تشكيلة فضاءات مازال على الرياضياتيين أن ينشئوها. زد على ذلك أن گرين وموريسون وسترومنگر برهنوا على أن المفعولات الكمومية تتيح للفضاءات المتخالفة في عدد الثقوب ـ كالكعكة والكرة ـ أن يتحول أحدها إلى آخر بشكل أملس؛ وهذا شيء غير وارد عند الرياضياتيين. (إن القواعد النموذجية في التعامل مع الفضاءات تتيح لها أن تتمدد أو أن تنكمش كملاءة من المطاط، ولكن لا يمكن فتح ثقوب أو إغلاق ثقوب فيها.) وقد أصبحت دراسة أمثال هذه الفضاءات الميدان الجديد في الهندسة الكمومية.
    لقد أنعشت هذه الاكتشافات فرعَيْن محبوبين من الرياضيات هما الهندسة الجبرية ونظرية الأعداد. وعنهما يقول <T .S. تونگ> (من جامعة هارڤارد) أحد حائزي ميدالية فيلدز): «إنهما موضوعان مركزيان في الرياضيات. فأنت، إذا فتحت بابا لمجال جديد هنا، تتوقع أن يكون له تأثير كبير في سائر الرياضيات.» والأمر الذي يشكل عقبة كبيرة في طريق الرياضياتيين هو أنهم لم يبرهنوا على نتائج النظرية الوترية بطريقة ترضيهم.
    ومع ذلك يوافق الرياضياتيون على أن الفيزيائيين حصلوا بطرائقهم المشكوك فيها على حقائق رياضياتية. ويبرر مورگان هذه الشكوك بقوله: «إننا لا نستطيع أن نستغني عن الصرامة، وإلا فإن مصير الفرع هو الفشل.» لكن الصرامة يمكن أن تكون عائقا هي الأخرى، فتجعل الرياضياتيين بمعزل عن قفزات اليقين التي يبتهج الفيزيائيون بتحقيقها. لكن مورگان يستأنف متسائلا: «هل ننتظر الفيزيائيين ليرشدونا مرة أخرى إلى أين يجب أن نتطلع؟ أم علينا أن نسعى لبلوغ حالة يمكننا فيها التوصل إلى ذلك الحدس؟»

    كان سترومنگر يستكشف سلوك الثقوب السوداء الخارجية حين يلتف أحد أبعاد الزمكان على نفسه بشدة كبيرة جدا. تصور أنك أخذت أنبوبا مطاطيا غير محدود الطول ولففتَه على نفسه ثم ألصقت طرفيه معا بحيث يتخذ شكل كعكة doughnut. وبهذه الطريقة يمكن لبعدَيْ سطح هذا الأنبوب أن ينكمشا فيتولد فضاء أصغر بكثير (وهو لايزال من دون حدود). افترض الآن أن هذه الكعكة قد أصبحت صغيرة جدا في نقطة واحدة. ففي أثناء انضغاطها وجد سترومنگر أن بعض الثقوب السوداء، المكونة من أغشية متكوِّرة حول البعد المتقلص، تصبح عديمة الكتلة. فقرر أن يُدخل هذه الأشياء في حساباته كأمواج ميكانيكية-كمومية.

    لقد حصل شيئان يشبهان المعجزة. فقد كانت الحسابات القديمة في النظرية الوترية تفشل دوما عندما يستدق الأنبوب ليصبح خيطا، لكن الثقوب السوداء الكمومية تجعل الرياضيات تحقق نجاحا جيدا حتى في هذه الحالة المتطرفة. ويرى هوروويتز أن الفيزياء الكمومية هي المنقذ الحقيقي للنظرية الوترية، ويقول: «إن الإلكترون الذي يسقط في نقطة شحنة الپروتون يقود، في الميكانيك التقليدي، إلى كميات لامتناهية. ولا يمكن للإلكترون أن يتخذ مدارا إلا عندما تُدخِل الميكانيك الكمومي.» وكنتيجة أخرى تبين ظهور عدد كبير من الثقوب السوداء العديمة الكتلة؛ أي إن المنظومة خضعت لانتقال طوري يشبه كثيرا تكاثف البخار إلى ماء.

    إن الانتقال الطوري ينبئ بتغير في الكعكة نفسها. إنها تنقطع عند أدق جزء منها ـ عنف كان دائما يُنفر منه الفيزيائيين والرياضياتيين ـ وتتخذ من جديد شكلا كرويا، وهذه طريقة أخرى لالتفاف ملاءة ذات بعدين على نفسها. وبذلك حصلت في النظرية الوترية صلة بين فضاءين ملتفين ومتخالفين جدا. ويعترف سترومنگر: «بأن الرياضياتيين لا يحبون ذلك، إذ إنه يستدعي تمزقا tearing إلا أن المفعولات الكمومية «تصقل» هذا التمزق.»

    إن أنواعا عديدة من التمزق يمكن في نهاية المطاف أن تكوِّن رابطة فيما بين آلاف الحلول للنظرية الوترية. وضمن الفضاءات الداخلية المترابطة هكذا، يمكن للأوتار أن تجد فضاءها «الخاص» وهي تتحرك بينها. وكما يتجمد الماء في أحد القطبين ويتبخر في الصحاري، يمكن للأوتار أن تختار شكلا يلائم بيئتها. ويصبح العثور على الحل الصحيح مسألة دينامية.

    ويتكهن سترومنگر بأن الكون ربما يحوي في مكان ما قطرة وجَدت فيها الأوتار فضاء داخليا مختلفا. ولدى الدخول في القطرة تنقلب الثقوب السوداء إلى أوتار، وتنقلب الأوتار إلى ثقوب سوداء. وفي جوارنا المباشر يمكن لأمثال هذه القطرة أن تبدو كأكوان افتراضية سريعة الزوال، لا توجد إلا في أثناء فترات زمنية قصيرة جدا وتختفي قبل أن يتضح وجودها.

    النظرية
    وعلى الرغم من شطحات الخيال هذه يعود الفيزيائيون إلى أرض الواقع ليؤكدوا لنا أن النظرية النهائية، نظرية كل شيء، لاتزال بعيدة، فحتى ڤافا المتفائل يرى أن علينا أن ننتظر عقودا من الزمن ليتحقق لنا فهم صحيح لهذه النظرية. ويتكهن شوارتز قائلا: «عندما نجد صيغة جميلة، قد لا نستطيع عندئذٍ أن نسميها نظرية وترية، بل ربما نسميها «النظرية» ليس إلا.» ففي ثمانينات هذا القرن قوبلت ادعاءات اكتشاف نظرية كل شيء (TOE) بالهزء لدرجة أن النظريين الوتريين صاروا الآن يتقززون من هذا الرمز (TOE).

    لا يوجد إجماع على أن «النظرية» هي الآن قاب قوسين أو أدنى. وعلى من يظن ذلك يرد «هوفت» بلهجة لاذعة قائلا: «إن الادعاءات الآتية من زمرة النظريين الوتريين لاتزال كالعادة مشحونة بالمبالغات.» والمشكلة الكبيرة هي أن الأوتار قد لا تحظى أبدًا بأي اختبار تجريبي. إذ لا يستطيع أحد أن يتخيل اختبارا لشيء صغير لهذه الدرجة: إن التقنيات الحديثة لا يمكن أن تسبر غور أي شيء أصغر من 15-10 سنتيمتر. وكل ما يرجوه النظريون هو أن يتيح لهم المصادم الهَدروني الكبير Large Hadron Collider، الذي سوف يبدأ في العمل عام 2005 في المركز سيرن، اكتشاف التناظر الفائق على الأقل، هذا التناظر الذي يرى ويتن (مستجيبا لرأي آينشتاين بأن «الإله ليس مكارا»)(6) أنه «سيكون أفضل طريقة تختارها الطبيعة للإعراب عن لطفها.»

    ولكن حتى لو تبين وجود تناظر فائق، فإن مسألة أخرى تظل مطروحة. ذلك أن الزمكان العادي مسطح في عالمنا الواقعي، في حين أن التناظر الفائق المنقوص الذي يعزوه النظريون إلى الطبيعة يجعل الزمكان يلتف على نفسه بشدة مستحيلة في كل الأبعاد.

    إن لدى ويتن طريقة مبتكرة للالتفاف على هذا المأزق، طريقة تعتمد على المثنوية بين نظريات في أبعاد مختلفة. فقد يكون ممكنا الانطلاق من كون لا يحوي في البدء سوى ثلاثة أبعاد مسطحة ـ أحد الأبعاد الأربعة التي نعرفها لايزال ملتفا على نفسه. إن للزمكانات من هذا القبيل صفات خاصة تتيح تحديد المسائل التي يطرحها التناظر الفائق. وفي النهاية يمكن نشر البعد الرابع، مما يقود إلى الكون كما نعرفه. «إن اقتراح ويتن»، كما ينعته شوارتز، «أهوج نوعًا ما، ولكنه قد يكون صائبا.»

    إن خصوصيات الثقالة تطرح أيضا مسائل عديدة. فقد وجد آينشتاين أن الثقالة تنبع من انحناء الزمكان. وهذا يعني أن استكمام quantize الثقالة هو استكمام المكان والزمان. وفي تلك الحالة، يرى هوروويتز، «ربما لا يكون للمكان وللزمان أي معنى، وقد يتبين أنهما في مداهما الواسع بنية تقريبية.»

    والنظرية الوترية بعيدة جدا عن أمثال هذه التوقعات. أما «النظرية» فستحتاج إلى المقدرة على توصيف الظروف الأكثر تطرفا، كتوصيف نشأة الكون أو البيئة ضمن ثقب أسود. ويقول هوفت نتيجة ذلك كله: «إن النظريين الوتريين ميالون إلى الثقة العمياء بنظريتهم مدَّعين أنها يمكن أن تتعامل مع كل شيء. والواقع إنهم ليسوا أفضل من غيرهم في فهم الانهيار التثاقلي gravitational collapse.

    لكن النظريين الوتريين، بسبب إعجابهم بالثراء الرياضياتي المتألق في نظريتهم، يبدون غير عابئين بأي انتقاد. وفي محاولة تبرير هذا الموقف يقول <M .P. راموند> (من جامعة فلوريدا): «إن هذا يشبه تجوالك في وادي أحد الملوك، وبإزاحتك صخرة عن مكانها وجدت سردابا ممتعا يحوي درجا صاعدا. ونحن الآن تماما في مرحلة تنظيف درجاته.» أما ما يقود إليه هذا الدرج، فمازلنا نجهله ـ وهكذا فإن أمام هذه المغامرة مراحل مثيرة أكثر.

    وفي مؤتمرهم الذي عقد في الشهر 3/1995، تابع الفيزيائيون مناقشةً كانوا قد بدؤوها على الغداء. وتناولت هذه المرة الدالة الموجية للكون(7)، وهذه محاولة مباشرة لتوصيف الكون كشيء ميكانيكي-كمومي. وهنا يستطرد سسكند قائلا: «من وجهة نظري كمتشبث عنيد ضعيف الثقافة وجاهل، أعتقد أن هذا مجرد كلام فارغ.» وأما هوروويتز الذي شكّل، بالاشتراك مع آخرين، دالات موجية من هذا القبيل، فينفجر ضاحكا.


    (1) المفرد سوليتون soliton: كلمة تنطوي على معنى التوحّد والتفرّد. (التحرير)
    (2) أي لم يتم حتى الآن اكتشاف جسيم نديد، بالتناظر الفائق، لأي من الجسيمات المعروفة اليوم. (التحرير)
    (3) caterpillar يرقانة فراشة.
    (4) ميدالية تمنح في الرياضيات وتقابل من حيث الأهمية جائزة نوبل، وهذه الأخيرة لا تُمنح في الرياضيات.
    (5) pretzel: بسكويتة قاسية مملحة الظاهر لها شكل عقدة. (التحرير)
    (6) God is not malicious.
    (7) the wave function of the universe.

    Scientific American, January 1996

  3. #38
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    مجلة العلوم مصدر المقالة السابقة

  4. #39
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    ارجع لاتابع ما قررته كفهرست و هي كالتالي
    *المعادلات و الدوال المهمة/
    معادلات ماكسويل =انقلها من محرك بحث
    معادلة لابلاس
    معادلة فورييه
    معادلالة لاجيرا
    معادلة بيسل
    معادلة رودنجر
    متسلسلات فورييه
    معادلات القوة و الحركيات
    ................................... ............................
    1/ الرياضيات للفيزيائيين

    2/ مسائل فيزيائية فرعية

    1* معادلات فيزيائية /.*.انواع الاساسية للمعادلات الفيزياء الرياضية.


    * التطبيقات الهندسية الفيزيائية

    * المعادلات و الدوال المهمة /.... معادلات ماكسويل..معدلات لاجيرا...معادلة بيسل .. المعادلات الحركية.. معالات النسبية...معادلة الجيوديسك.. دوال السرعات ..الاحصاء... معادلة رودنجر ...معادلة لابلاس... معدلات ذبذبات الوتر ...متسلسلات فورييه...

    2* نظريات / الاوتار الفائقة...النسبية...الكمية...المصفو فات...التناظر الفائق... المؤثرات ...الممتدات... الاضطراب ...التغاير...التشتت...الريب...نظريا ت الترابط ...التماثل...

    3/القوانين و الثوابت الفيزيائية/ قوانين فيزيائية اساسية...ثوابت فيزيائية مهمة... اعداد غرسمان...

    4/قاموس المصطلحات مهم للفيزيائيين
    ................................... ................................... ............

    الطاقة المظلمة Dark Energy أو ثابت أينشتاين الكوني.
    جسر أينشتاين-روزين Einstein-Rosen Bridge
    الانبثاق Emergence
    نظرية التوحد الكبرى Grand Unification Theory
    الثقالة الكمية الحلقية Loop Quantum Gravity
    نظرية – إم M-Theory
    نظرية الأوتار الفائقة String Theory
    التناظر الفائق Supersymmetry
    نظرية كل شيء Theory of Everything

    ................................... ................................... ..............................
    =
    1/المعادلات الموجية و مفادها في الفيزياء النظرية هو دراسة الذبذبات العرضية و الطولية للوتر و من خلالها تقيم حركات الاوتار الفائقة كذلك باقي الذبذبات الكهربية و الغازية و غيرها وسنذكر المعادلات الموجية بالتفصيل الممل في موضوع معادلات ذبذبات الوتر
    2/ معادلة فورييه في التوصيل الحراري و مفادها دراسة عمليات انتار الحرارة و جسيمات الغازات و الموائع في وسط مسامي
    3/معادلة لابلاس مفادها نظريا دراسة مسائل المجالات الكهربية و المغناطيسية و الكهرومغناطيسية و الحراريات و غيرها
    ................................... ................................... ...............................
    ارج وان لا ازيد كتابة مقالات ثقافية قبل اتمام ما قررته سايقا ثم ندخل ما يلزم الفيزيائي النظري من الرياضيات خاصة علم التفاضل و التكاملات لنعطي القواعد الاساسية التي بها يفهم الفيزيائي النظري كيفية التعامل مع كل ما يجول بخاطره من افكار فيزيائية رياضيا ..
    و حيث أني في سفر و لم ادخل بعد مستقر اقامتي لاتفرغ لما يلزمني كتبت هذه العجالة لاذكر نفسي بما عليها فقط في انتظار استقراري و الله المستعان و بارك الله في صيامكم و تقبل منك الصيام و القيام و الذكر
    اخووووووووووووووووووووكم توفيق عبد الله سعيد ابراهيم معمري الجزائري الحجازي


    .ارجع لاتابع ما قررته كفهرست و هي كالتالي
    *المعادلات و الدوال المهمة/
    معادلات ماكسويل =انقلها من محرك بحث
    معادلة لابلاس
    معادلة فورييه
    معادلالة لاجيرا
    معادلة بيسل
    معادلة رودنجر
    متسلسلات فورييه
    معادلات القوة و الحركيات
    ................................... ............................
    1/ الرياضيات للفيزيائيين

    2/ مسائل فيزيائية فرعية

    1* معادلات فيزيائية /.*.انواع الاساسية للمعادلات الفيزياء الرياضية.


    * التطبيقات الهندسية الفيزيائية

    * المعادلات و الدوال المهمة /.... معادلات ماكسويل..معدلات لاجيرا...معادلة بيسل .. المعادلات الحركية.. معالات النسبية...معادلة الجيوديسك.. دوال السرعات ..الاحصاء... معادلة رودنجر ...معادلة لابلاس... معدلات ذبذبات الوتر ...متسلسلات فورييه...

    2* نظريات / الاوتار الفائقة...النسبية...الكمية...المصفو فات...التناظر الفائق... المؤثرات ...الممتدات... الاضطراب ...التغاير...التشتت...الريب...نظريا ت الترابط ...التماثل...

    3/القوانين و الثوابت الفيزيائية/ قوانين فيزيائية اساسية...ثوابت فيزيائية مهمة... اعداد غرسمان...

    4/قاموس المصطلحات مهم للفيزيائيين
    ................................... ................................... ............

    الطاقة المظلمة Dark Energy أو ثابت أينشتاين الكوني.
    جسر أينشتاين-روزين Einstein-Rosen Bridge
    الانبثاق Emergence
    نظرية التوحد الكبرى Grand Unification Theory
    الثقالة الكمية الحلقية Loop Quantum Gravity
    نظرية – إم M-Theory
    نظرية الأوتار الفائقة String Theory
    التناظر الفائق Supersymmetry
    نظرية كل شيء Theory of Everything

    ................................... ................................... ..............................
    =
    1/المعادلات الموجية و مفادها في الفيزياء النظرية هو دراسة الذبذبات العرضية و الطولية للوتر و من خلالها تقيم حركات الاوتار الفائقة كذلك باقي الذبذبات الكهربية و الغازية و غيرها وسنذكر المعادلات الموجية بالتفصيل الممل في موضوع معادلات ذبذبات الوتر
    2/ معادلة فورييه في التوصيل الحراري و مفادها دراسة عمليات انتار الحرارة و جسيمات الغازات و الموائع في وسط مسامي
    3/معادلة لابلاس مفادها نظريا دراسة مسائل المجالات الكهربية و المغناطيسية و الكهرومغناطيسية و الحراريات و غيرها
    ................................... ................................... ...............................
    ارج وان لا ازيد كتابة مقالات ثقافية قبل اتمام ما قررته سايقا ثم ندخل ما يلزم الفيزيائي النظري من الرياضيات خاصة علم التفاضل و التكاملات لنعطي القواعد الاساسية التي بها يفهم الفيزيائي النظري كيفية التعامل مع كل ما يجول بخاطره من افكار فيزيائية رياضيا ..
    و حيث أني في سفر و لم ادخل بعد مستقر اقامتي لاتفرغ لما يلزمني كتبت هذه العجالة لاذكر نفسي بما عليها فقط في انتظار استقراري و الله المستعان و بارك الله في صيامكم و تقبل منك الصيام و القيام و الذكر
    اخووووووووووووووووووووكم توفيق عبد الله سعيد ابراهيم معمري الجزائري الحجازي


    .

  5. #40
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    برنامج الفيزياء النظرية المقرر في المدرسة العلمية الافتراضية في انتظتر فتح المدونة

    1/ المعادلات الاساسية في الفيزاء النظرية
    2/رياضيات الديناميكية الحراية
    3/الدوال الخاصة و الذاتية
    4/ الاحداثيات و المتجهات
    5/التغيرات
    6/ميكانيك الجزيئات
    7/المواضيع الرياضية الضرورية لكل فيزيائي نظري=
    1..... دراسة الدوال
    2.....دراسة النهايات
    3.....د.الاشتقاق
    4/....د. التفاضل
    5/ دراسة التكامل
    6/ دراسة الاعداد المركبة
    7/ دراسة كثيرات الحدود
    8/ دراسة المتسلسلات
    9/دراسة الاحتمالات و الاحصاء
    10/ المصفوفات
    11/ دراسة المعادلات الزائدية
    12/ دراسة المعادلات ذوات الفروق
    13/الدوال الوغارتمية و التزايد المقارن


    ثم نتطرق الى

    2* نظريات / الاوتار الفائقة...النسبية...الكمية...المصفو فات...التناظر الفائق... المؤثرات ...الممتدات... الاضطراب ...التغاير...التشتت...الريب...نظريا ت الترابط ...التماثل...


    3/القوانين و الثوابت الفيزيائية/ قوانين فيزيائية اساسية...ثوابت فيزيائية مهمة... اعداد غرسمان...

    4/قاموس المصطلحات مهم للفيزيائيين

    الطاقة المظلمة Dark Energy أو ثابت أينشتاين الكوني.
    جسر أينشتاين-روزين Einstein-Rosen Bridge
    الانبثاق Emergence
    نظرية التوحد الكبرى Grand Unification Theory
    الثقالة الكمية الحلقية Loop Quantum Gravity
    نظرية – إم M-Theory
    نظرية الأوتار الفائقة String Theory
    التناظر الفائق Supersymmetry
    نظرية كل شيء Theory of Everything

    و الله اسال ان يمن علي بالوقت الكافي ليتم الانتفاع بهذا العلم الفحل


  6. #41
    فيزيائي متمكن
    Array الصورة الرمزية ALBEDIWY
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    273
    شكراً
    0
    شكر 0 مرات في 0 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    218

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    بارك الله فيك كنت ابحث عن هذه المقدمه منذ زمن بعيد.............

  7. #42
    مستشار فيزيائي
    Array الصورة الرمزية فيزيائي مفعم
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    الوطن العربي جميعا/الجزائر
    العمر
    47
    المشاركات
    640
    شكراً
    1
    شكر 2 مرات في 1 مشاركات
    معدل تقييم المستوى
    151

    رد: علم الفيزياء النظرية مفهوم وقواعد ونظريات

    وفيكم بارك الله الا اني انتظر الدكتور حازم ليعيد فتح المدونات لاضم هذا الركن الى المدرسة العلمية للفيزياء الحديثة و انطلق في تحرير الدروس

صفحة 6 من 12 الأولىالأولى ... 45678 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أعرف ما هو مفهوم علم الفيزياء ؟
    بواسطة أ.بدر العصيمي في المنتدى منتدى المواضيع العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-31-2016, 05:22 AM
  2. نقاش حول معضلات الفيزياء النظرية ( هام للغاية )
    بواسطة فوزي نجيب حجاب في المنتدى منتدى الحلقة العلمية
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 11-30-2012, 04:59 PM
  3. نرجوا الدخول على هذه المواقع والتعليق على هذه النظرية الجديده في علم الفيزياء
    بواسطة haled في المنتدى منتدى النظرية النسبية وعلم الكونيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-13-2010, 01:17 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-10-2010, 11:52 PM
  5. سؤال هام في الفيزياء النظرية
    بواسطة طالبة فيزياء.. في المنتدى منتدى أسئلة وأجوبة في الفيزياء
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-12-2010, 11:04 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •