أول عربية تغزو القطب المتجمد الجنوبي


ريم شديد من مواليد 11 تشرين الاول/ أكتوبر 1969، هي باحثة وفلكية مغربية في مرصد "كوت دازير" القومي الفرنسي، كما تعمل أستاذة بجامعة نيس الفرنسية.

تعتبر مريم شديد أول عالمة عربية تغزو القطب الجنوبي. كانت شديد ضمن فريق عمل علمي مهمته وضع منظار فضائي. حصلت مريم شديد على إجازة في الفيزياء من جامعة الدار البيضاء ثم بدأت في تحضير دكتوراه في جامعة نيس سنة 1994 و التحقت بالمركز الوطني للبحث العلمي كمهندسة فلكية.
تقول مريم: ‏كنت مصممة على أن أضع الراية أو العلم المغربي بجانب العلم الفرنسي والأسترالي والأميركي في القطب الجنوبي لأضع رمزا للعرب، فالعالم العربي بإمكانه أن يساهم في تطور العلم على صعيد دولي “.
وصلت السيدة مريم شديد إلى هذه البقاع في إطار مهمة علمية واستكشافية، وكان وضعها العلم المغربي على هذه القارة المتجمدة، يشكل انجازاً عربياً كبيراً.
وخلال هذه المهمة تمكنت مريم البالغة من العمر 40 سنة من نصب جهاز تلسكوب لاحتساب لمعان النجوم في محطة "كونكورديا" التي وضعت من أجل تمكين فرق البحث العلمي الدولية من إنجاز برامج أبحاث ومراقبة في عدة ميادين. السيدة مريم شديد، وفي تصريحات صحفية بعد عودتها من مهمتها التي أنجزتها مؤخرا في القطب الجنوبي، أنها توجهت إلى هذه المنطقة لوضع جهاز تلسكوب لاحتساب لمعان النجوم.
كما تطرقت إلى مسار رحلتها الاستكشافية بمحطة "كونكورديا" التي تبعد بـ1100 كلم عن القاعدة الفرنسية "دومان دورفيل" وبـ1200 كلم عن القاعدة الإيطالية "طيرا نوفا" وكذا إلى قساوة الظروف المناخية، مؤكدة أن مهمتها بالقطب الجنوبي قد كللت بالنجاح.
من جهته أوضح الفلكي الفرنسي جان فيرنان, أن مهمة محطة "كونكورديا" تكمن في تمكين فرق البحث العلمي الدولية من إنجاز العديد من الأبحاث وعمليات المراقبة، ويدير فيرنان، بتعاون مع مختبر مغربي، المشروع المغربي الفرنسي "سيدار" الذي يهدف إلى مراقبة السماء من أجل اختيار أهم المواقع لوضع تلسكوبات قوية مستقبلا، ولأجل ذلك تم اختيار موقعين بسلسلة جبال الأطلس الصغير بالجنوب المغربي.
شغف بالفضاء منذ الطفولة
وحول سبب اختيارها لهذا التوجه المهني الغريب عن البيئة العربية، ذكرت شديد أن شغفها بالبحث في مجال الفضاء كان منذ طفولتها. وتذكر أن أولى لحظاتها في التعاطي باحترافية مع علم الفضاء عندما قدم لها أخوها كتابا لعالم الفضاء "ألبير كيبلر". وتزامن ذلك مع استضافة هذا العالم بعد أيام قليلة في إحدى محطات الإذاعة المغربية، وكان ذلك بمثابة تحول كبير في حياتها للاهتمام بميدان الفضاء.
وعند تحدثها عن هذه التجربة ذكرت مريم شديد أن درجة الحرارة بالقطب المتجمد الجنوبي كانت تصل إلى 54 درجة تحت الصفر، كما أن مهمتها العلمية تطلبت منها الاستقرار بقارة الثلج لمدة شهرين.
ووفقا للسيدة شديد فإن الإقامة بالقطب المتجمد الشمالي تتطلب استعمال وسائل نقل وملابس خاصة للحفاظ على درجة الحرارة المناسبة للجسم، إلا أنه وفي بعض الأحيان فقد أرغمت شديد وزملاؤها على نزع القفازات عند تثبيت بعض المسامير الدقيقة مما كان يتسبب للمشاركين في البعثة بآلام شديدة نتيجة البرد غير العادي بقارة الثلج.
وتنتظر "شديد" عودة أخرى إلى القطب الجنوبي بعد سنة تقريبا من الآن قصد مراقبة نتائج اشتغال المرصد الذي تم تثبيته في إطار برنامج سيدار العلمي الفرنسي.
وتعمل مريم شديد كخبيرة بمرصد كوت آزور لفيزياء الفضاء، وأستاذة محاضرة بجامعة نيس وهي حاصلة على دبلوم الدراسات المعمقة في الصورة في ميدان العلوم. وبدأت حياتها كباحثة في علم الفضاء، حيث قضت 3 سنوات في مرصد "بروفانس العليا" الذي يضم كبار مناظر الفضاء في فرنسا.
فيزياء الفضاء
الجدير بالذكر أن علم فيزياء الفضاء بدأ منذ مدة يستقطب اهتمام العلماء من مختلف دول العالم الذين أقاموا في السنوات الخمس الأخيرة ملتقيات علمية دورية لتدارس أوضاع الطاقة في الفضاء ومعرفة حدود إمكانية التعامل معها. خاصة بعدما اكتشفت أجهزة الرصد الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" ذبذبات لانفجارات نووية في الفضاء تفوق حجم القنبلة التي ألقيت على اليابان في هيروشيما بآلاف المرات. وكان هذا الاكتشاف أواخر عام 1979 وأحدث هزة في مجال فيزياء الفضاء، ما جعل هذا الميدان يستقطب مئات العلماء والباحثين الفضوليين للتنصت ومراقبة ما يجري بعيدا عن كوكب الأرض بملايين السنوات الضوئية. وهكذا فالمغربية مريم شديد تعتبر اليوم واحدة من بين العلماء الذين يساعدون البشرية في اكتشاف أسرار الكون.
تتوقف مريم كثيراً عند دلالات رفعها للعلم المغربي في القطب الجنوبي المتجمد، حيث تقول: إن رفع العلم المغربي كان عنواناً على القدرات التي تختزنها المرأة المغربية وإصرارها على تغيير وضعيتها نحو الأفضل. كان ذلك خطوة نحو المستقبل، لكن من دون التفريط في الهوية ومقوماتها.
الواقع أن المغاربة فاجأتهم الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية وهي تظهر العلم المغربي مغروساً في البياض المتناهي للقطب الجنوبي المتجمد من طرف عالمة فلك مغربية الأصل والهوية، بعد أن التصقت بذاكرتهم صور بادو الزاكي وهو يحمل العلم المغربي عقب مباراة المغرب والبرتغال خلال مونديال المكسيك، وقبل ذلك صور سعيد عويطة ونوال المتوكل حاملين علم بلادهما خلال مونديال لوس أنجلس، قبل أن يتبعهم هشام الكروج ونزهة بيدوان وآخرون. ج الصباح