باحث سعودي يُدهش العلماء بدراسة لتوفير وقود المراكب: جنون أفكار البحث العلمي طريق للحفاظ على الطاقة


أثار الباحث السعودي المهندس عوضة محمود الزهراني، من قسم الهندسة البحرية – دراسات عليا في جامعة الإسكندرية، دهشة العلماء في مؤتمر دولي عن البيئة عُقِد تحت عنوان «التغيرات البيئية: المجالات وفرص الحلول». وقدّم الزهراني بحثاً عن تقليل استهلاك الوقود بنسبة 5 أطنان يومياً على مراكب الحاويات وزيادة كفاءة استخدام الوقود بمعدل 16 في المئة وتقليل الانبعاثات بمعدل 4.5 في المئة وذلك باستخدام «نظام استرداد الحرارة»Heat Recovery System. وتناولت دراسة الزهراني ترشيد الطاقة من خلال تقليل كمية استهلاك الوقود في السفن، بالترافق مع تقليل انبعاث غازات التلوّث التي تنجم عن حرق الوقود الاحفوري، والتي تلوّث الغلاف الجوي. وفي الآونة الأخيرة، شهد العالم تغيرات جذرية في مجال البيئة والطاقة.

تبادل الأفكار وجنونها

أشاد الدكتور محسن الجوهري الأستاذ في كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية بالجهد الكبير للباحث الزهراني. ووصف بحثه بأنه مهم جداً في مجالي الهندسة البحرية والبيئة معاً. وأوضح أن الزهراني بحث في ترشيد استخدام الوقود الخام المستهلك في ناقلات الحاويات التي تعتبر من المراكب الكبيرة أو السفن ذات المحركات الضخمة التي تبلغ قوة محرّكاتها 28 ألف حصان. وبيّن أن الباحث السعودي تطرق الى استخدام نظام «الدورة المُجمّعة» Combined cycle التي تستعمل محطات بخارية لمساعدة المحركات، بحيث يُستفاد من الحرارة الناتجة من العادم في توليد الكهرباء بواسطة مُولّد يعمل بالبخار.

ويُشار الى أن الزهراني درس ناقلة حاويات كبيرة في هامبورغ في ألمانيا، وتم تحديد قوتها ونظم الدفع فيها وخزانات الوقود واستهلاكه ومعدل الانبعاثات لثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وبخار الماء والسوائل الموجودة في الوقود.

ثم درس الجدوى الاقتصادية ومدى التوفير في الوقود وانبعاث غازات التلوّث، في حال تطبيق نظام «الدورة المُجمّعة».

ووجد الباحث أن ذلك النظام يوفر الوقود الخام بنسبة 4.5 في المئة ويزيد كفاءة استعمال الطاقة بنسبة 16 في المئة. وبحساب الكلفة اقتصادياً وجد أن ذلك يوفر 5000 دولار يومياً.

وأورد الباحث الزهراني أن الانبعاثات تقل بمعدل 4.5 في المئة، مع ملاحظة أن إحراق الكيلوغرام من الوقود يولّد غرامين من ثاني أكسيد الكبريت و10 غرامات من ثاني اكسيد الكربون. ويعني ذلك أن نظام «الدورة المُجمّعة» صديق للبيئة أيضاً.

وعن الهدف من المشاركة في المؤتمر، أكّد الزهراني لـ «الحياة» أنه تبادل الأفكار والخبرات مع علماء كُثُر، ما يُوسّع دائرة البحث ويجعل إمكان تطبيقه أكثر فعالية. وقال: «إن لم تكن أفكارنا جنونية في البحث العلمي، فلن نحفظ الطاقة للأجيال المقبلة».

وعقّب الجوهري على ذلك قائلاً: «يأتي تفرّد هذا البحث من أسبقيته وحداثته، خصوصاً لجهة تطبيقه على مراكب الحاويات العملاقة. فقد جرت العادة على استخدام العادم في المراكب الصغيرة، حيث يستفاد منه لتسخين الماء في عمليات التكييف والتبريد على مستوى 1000 كيلو وات. ويقترح الزهراني استخدام تلك العملية على مستوى 6000 كيلو وات. وتكفي تلك الطاقة لتحريك 6 مركبات من النوع الضخم. ويعطي ذلك فكرة عن مدى التوفير الذي قد ينجم عند استخدام النظام المُقترح».

الطاقة همّاً علمياً

وناقش مؤتمر «التغيرات البيئية»، بحسب ما صرح به لـ «الحياة» الدكتور عصام الكردي عـميد كلـية الهندسـة في الإسـكندرية الذي ترأسه، التدابير الواجبة للـتقليل من تأثير التغيرات الـمناخية، والإجـراءات الوقائية والتطورات التكنولوجية التي تساعد في حماية النظام المناخي. وأشار إلى أن أعمال المؤتمر تضمنت ورش عمل ضمت علماء وخبراء في مجال تأثير التغيير في البيئة في المنطقة العربية وسواحلها. وقُدّمت في المؤتمر دراسة عن استخدام الحرارة والطاقة في أنواع مُعينة من المولّدات، اعدها المهندسان مرسي الجوهري والسيد متولي بالتعاون مع كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية ومؤسسة «الراشد» للمقاولات في الرياض. ويتناول البحث استخدام نظام «الانتاج المزدوج» الذي يعتمد على مزيج الحرارة والطاقة في المباني.

وفي سياق متصل، رصد بحث قدّمه الدكتوران سالم صالح مبارك بامؤمن وسعيد علي بن مزروع والمهندس فائز أحمد باصرة من قسم هندسة البترول في كلية الهندسة والبترول في جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا( اليمن)، التجمّعات الصخرية المكتشفة حديثاً في وادي حضرموت وإمكان الافادة منها في البناء والصناعات المختلفة.

وقدّم البروفسور هانسيد ديكرشوف (هولندا) بحثاً عن مستقبل استخدام الكيماويات على التغيرات المناخية. وتناول تأثير ارتفاع مياه البحر وعلاقتها بالمشاكل الناتجة من استعمال الكيماويات مثل المبيدات، ومشاكل اختلاط مياه الصرف الزراعي بالمجاري وإمكان إعادة استخدام هذه المياه. وعرض لمشكلة جفاف التربة الناتج من ارتفاع حرارة المناخ، وتأثير ذلك في الزراعة والمواشي.

وأوصى المؤتمر بضرورة إنشاء مركز علمي عربي للتغيرات المناخية لدراسة آثارها وتداعياتها، وضرورة توفير نتائج تلك الدراسات للباحثين. ودعا الى تدعيم أواصر التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية الوطنية والإقليمية والعالمية المهتمة بالتغيرات المناخية. وأكّد ضرورة رصد القياسات والدراسات العالمية ومتابعتها وتقويم آثارها على المنطقة العربية. ولاحظ أهمية رسم السيناريوات المحتملة لأثر التغيرات المناخية على المنطقة ودراسة مدى تطابق هذه التوقعات مع ما يحدث في المدن والسواحل العربية.

وحض على تعزيز برامج الإدارة المتكاملة للمخاطر والكوارث والمناطق الساحلية، والى دعم قنوات الاتصال علمياً وفنياً بين الدول العربية والوزارات المعنية المختلفة كوزارات البترول والري والكهرباء والطاقة النووية والعمل على تمويل الأبحاث البيئية والمناخية المشتركة من خلال مؤسسات إقليمية.

الإسكندرية - سامر سليمان الحياة - 17/04/09//