يتعرض الإنسان خلال حياته إلى الأشعة المؤينة من مصادر طبيعية Natural Sources و مصادر من صنع الإنسان man-made sources عن طريق التعرض الخارجي والداخلي . يعتبر التعرض خارجي عندما يتعرض الجسم للأشعة المؤينة المنبعثة من مصدر خارج الجسم ويتم امتصاص الطاقة الإشعاعية في الجسم من الخارج إلى الداخل .
أما التعرض الداخلي فيحدث عندما تصل المادة المشعة إلى داخل الجسم عن طريق البلع أو الاستنشاق أو من خلال الجلد . وفي هذه الحالة تتعرض أنسجة الجسم ويتم امتصاص الطاقة الإشعاعية المنبعثة من المادة المشعة داخل الجسم في كافة الاتجاهات و تقدر الآثار المترتبة علي هذا التعرض بحساب الجرعة الإشعاعية الممتصة في الجسم من مجموع جرعة التعرض الخارجي والداخلي.
جرعة الامتصاص الإشعاعية :
تعريف جرعة الامتصاص بأنها الطاقة المترسبة في أي وسط من جميع أنواع الأشعة المؤينة ووحدتها الراد (Rad) أو الجراى GY
1GY= 1J/KG =100 RAD
مكافئ الجرعة :
تعتبر وحدة الراد Rad مناسبة فقط لإجراء مقارنة بين تأثيرات نفس النوع من الأشعة. غير أنها تصبح غير ملائمة عند مقارنة أنواع مختلفة من الأشعة ذلك لأن الأنواع المختلفة من الإشعاع تسبب أضرار متباينة للأنسجة البشرية وعلي سبيل المثال فإن (5 Rad) من النيوترونات السريعة تحدث تلف بيولوجي مماثل لما تحدث من جرعة مساوية ( Rad100 ) من أشعة جاما.
قد وضع العلماء جدول يوضح الفعالية البيولوجية النسبيةRelative Biological ) RBE Effectiveness ) للإشعاعات المختلفة والذي يعرف أيضاً بمعامل الجودة ( Quality Factor QF)
RBE / QF نوع الأشعة
1 أشعة اكس وأشعة جاما والإلكترونات
20 النيوترونات والبروتونات
2 النيوترونات البطيئة
جسيمات ألفا
10- 20
وبذلك يعرف مكافئ الجرعة و وحدته ريم (rem ) أو سيفرت ( Sv ) كالآتي :
مكافئ الجرعة ( rem ) = جرعة الامتصاص ( Rad ) × معامل الجودة
مكافئ الجرعة ( Sv ) = جرعة الامتصاص ( Gy ) × معامل الجودة
1SV =100 RAD
وقد حددت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاع ICRP International Commission for Radiation protection مستوى التعرض الآمن للإشعاع المؤين وذلك لكل من أفراد الجمهور والعاملين المهنيين بالقيم msv/year and 1msv/year s 10 علي التوالي
و قد أصبح موضوع التعرض الإشعاعي للإنسان يحتل مكانة هامة نتيجة انتشار استخدامات التقنيات النووية و كثرة التطبيقات و تسرب المواد المشعة المختلفة إلى البيئة من جراء الاستخدامات المختلفة للمواد المشعة . وهذا يتطلب معرفة سلوكيات تلك المواد المشعة وقدراتها داخل المكونات المختلفة للبيئة من تربة و مياه و هواء .
يبين الجدول الجرعات السنوية المتوسطة من المصادر الإشعاعية الطبيعية في البلاد الأوروبية.
سلوكيات المواد المشعة في البيئة :
تتوقف سلوكيات المواد المشعة في البيئة على:-
– الخصائص الكيميائية والفيزيائية للعنصر المشع
– الكمية الموجودة
– خصائص مكونات البيئة
– المسارات الحرجة للمادة المشعة في مكون البيئة و قدرة كل مكون علي تركيز أو تخفيف المادة المشعة .
تعرض الإنسان للإشعاع:
عند دخول المواد المشعة داخل الجسم عن أي طريق يتم امتصاصها و دخولها في العمليات البيوكيميائية الأساسية ووصول هذه النويدات إلى الدورة الدموية و سوائل الجسم ويتم توزيعها إلى جميع أنسجة الجسم طبقا للصفات و الخصائص الكيميائية للعناصر والمركبات التي تكون هذه المواد المشعة . و تتحكم في الآثار الناجمة عن التعرض الإشعاعي الداخلي عوامل كثيرة من أهمها بطئ تطور و ظهور الأثر , و عدم تجانس امتصاص الجرعة الإشعاعية في الأنسجة إلى جانب الفترة الزمنية اللازمة للتحلل الإشعاعي للمادة المشعة لتعطي جرعة متراكمة علي مدى الوقت , و كذلك درجة السمية الكيمائية للمادة المشعة ذاتها .
و من أهم العوامل المتحكمة في أثار التعرض الإشعاعي ما يلي :
أ- الخواص الفيزيائية للمادة المشعة وتتضمن عمر النصف , نوع و طاقة الأشعة المنبعثة , الانتقال الخطى للطاقة , الطاقة الممتصة من النسيج الحاوي للمصدر إلى النسيج المستقبل للأشعة .
ب- العوامل البيولوجية للمادة المشعة و انتقال المادة داخل الجسم من عضو إلى أخر , إلى جانب استبقاء المادة المشعة في نسيج معين , و الفترة الزمنية لتواجد المادة المشعة داخل الجسم ثم طرق خروج المادة المشعة من الجسم و كذلك عمر النصف البيولوجي إلى جانب عوامل أخرى مثل السن والجنس و الأمراض المختلفة.
و يتوقف انتقال المادة المشعة على الدورة الدموية و سوائل الجسم وكذلك الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والتي تحدد آليات وميكانيكية انتقال المادة المشعة من نسيج إلى أخر .
- ومن الأثار الصحية للتعرض الإشعاعي هي التحول السرطاني لبعض الأنسجة التي تتواجد فيها المواد المشعة لفترات طويلة نسبيا ويمر التأثير الإشعاعي بمرحلتين أساسيتين هما :
المرحلة الفيزيوكيمائية:
وهذه المرحلة في تطور الإصابة الإشعاعية تخص امتصاص الطاقة الإشعاعية داخل روابط الجزئيات الكيميائية في الخلايا وينتج عن ذلك حدوث توتر أو تأين لهذه الروابط الفيزيوكيمائية في الجزئيات الموجودة في الحيز البيولوجي الذي تعرض والذي حدثت فيه عمليات امتصاص للطاقة . وينتج عن ذلك حدوث تغيرات في أداء وظيفة الجزئيات الكيمائية التي حدث توتر وتأين لروابطها وتسمي تغيرات في الجزئيات .
وتعتبر هذه المرحلة الأساس الذي سوف يترتب عليه تطور وظهور و نوعية الإصابة الناتجة من التعرض الإشعاعي . وهذه المرحلة مهمة فيما يخص حدوث عمليات إصلاح في الجزئيات الكيمائية التي تأثرت بالتعرض الإشعاعي وامتصاص الطاقة الإشعاعية وكذلك تطور الإصابة الإشعاعية ومداها والذي يحدد مقدار وحجم الأثر المتبقي بعد الإصلاح الذي يتم في الجزئيات .
مرحلة التأثير البيولوجي علي الخلايا و الأنسجة :
التغيرات الكيمائية التي تحدث للجزيئات تشكل الأساس الذي يترتب عليه تطور و ظهور الآثار الإشعاعية في الخلايا و الأنسجة وأهمها تحول الجزيئات لإنتاج شق حر free radicals الذي يتميز بنشاط كيميائي كبير مما يؤثر على تركيب الخلايا وبالتالي على وظائفها. ويتوقف حجم ونوعيه وشدة هذه الآثار علي عوامل كثيرة تخص النظام البيولوجي المتعرض للإشعاع و تخص أيضا النظام الفيزيائي للأشعة الساقطة بكل جوانبه .
وجميع مراحل تطور الإصابة مرتبط بعوامل كيمائية فسيولوجية ووظيفية ومناعية كثيرة ومرتبطة بالأجهزة الكلية المسيطرة علي كافة النظم البيولوجية في الجسم . وعلي راس العوامل المسيطرة علي تطوير الإصابة الإشعاعية و ظهورها هو مقدار الجرعة الإشعاعية الذي تعرض لها الجسم وحجم الحيز المتعرض من الجسم . وقد توصل بعض العلماء حديثاً إلى تركيب كيميائي لدواء يسمى بمضاد الإشعاع ( Anti-radiation ) من أهم خواصه تقوية الجهاز المناعي للجسم المصاب بالإشعاع .
http://i55.tinypic.com/wuia7a.jpg
الكاتب /فاروق محمد المصري